في عالم السياسة هناك واقعيون وهناك حالمون، وقد أثبت وزير العدل البريطاني، مايكل غوف، ووزير شؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي، ديفيد دفيز، الاختلاف الكبير بين الحالمين والواقعيين. وبعد صراع طويل أثبت وزير الخارجية البريطاني المستقيل بوريس جونسون أخيرا أنه من الحالمين أيضا.

إن ديفيز وغوف وجونسون، كانوا جميعا من زعماء حملة مغادرة الاتحاد الأوروبي، وإن جونسون أثبت مؤخرا أنه من الحالمين، وإن ثلاثتهم ناضلوا بشراسة للمطالبة باتخاذ بريطانيا موقفا صارما في مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي، وواجه ثلاثتهم مقترحات لم يرضوا عنها في اجتماع مجلس الوزراء الجمعة الماضي.

وعلى الرغم من تحفظاته على المقترحات، تحدث مايكل غوف إلى الإعلام الأحد الماضي ليعلن دعمه لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي. ويتضح من ذلك أن غوف واقعي بينما جونسون من الحالمين، الذين يظنون أنه لا يجب على بريطانيا تقديم أي تنازلات. وإنني أرى أن الواقعي يحاول الأخذ بزمام الموقف الذي نحن فيه، بينما يسعى الحالمون للهرب.

إن مشكلة الحالمين، الذين يريدون خروجا أكثر صرامة من الاتحاد الأوروبي لا توجد لديهم خطط بديلة لتحقيق ذلك، وأنهم بدؤوا يعرقلون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ويقول مايكل غوف إن عدم القدرة من جانب الطرفين، المؤيد للخروج الناعم من الاتحاد الأوروبي والمؤيد لوجود خروج صارم حازم، على تقديم خيارات وخطط بديلة ليس ناجما عن محدودية خيالهم، ولكن عن عوامل أخرى، من بينها اعتماد كثير من الأعمال والتجارة على العلاقات الاقتصادية مع أوروبا.

وقالت رئيسة الوزراء البريطانية، في وقت سابق، «إن الحكومة البريطانية ستنشر الأسبوع المقبل وثيقة رسمية تعرف بـ«وايت بيبار» حول موقف لندن في المفاوضات مع بروكسل، على وجه الخصوص، وستقترح المملكة المتحدة إنشاء منطقة تجارة حرة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، ستوفر سجلا مشتركا للسلع الصناعية والمنتجات الزراعية».

ومثل هذا الاقتراح يعني الهزيمة الفعلية لمجموعة من الأيديولوجيين، بمن في ذلك تيريزا ماي نفسها، حيث كانت الحكومة تميل إلى إقامة نظام جمركي كامل، دون أي استثناءات ومع تطبيق تعريفات منظمة التجارة العالمية.

أفضل طريقة للمضي قدما هي الانضمام إلى واقع الحكومة بالقول إن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى الاستجابة بمرونة وسخاء. وإن غياب أي حنكة سياسية أو رؤية من جانب الاتحاد الأوروبي في المحادثات أمر مُلفت للنظر، وسيكون مجلس الوزراء والحزب الموحد في وضع أفضل بكثير لتركيز الاهتمام والضغط على ذلك. ويمكن أن يقدما آفاقا أكثر مصداقية بأن بريطانيا لا يمكن أن تعيش فقط مع أي صفقة مفروضة.

 


وليام هيج*

* وزير الخارجية البريطاني السابق –

صحيفة (الديلي تليجراف) البريطانية