في الوقت الذي تواصل دولتنا الرشيدة سعيها للقضاء على الجهل والأمية، وليس هذا فحسب، بل وللرفع من مستوى التعليم ونشر الثقافة العليا، نفاجأ بقرارات محبطة تتصادم بقوة ووضوح مع ما يُخطط له ونسعى إليه جميعا!

فكيف لنا أن نربط بين ما يُخطَّط له، وبين ما يحدث على أرض الواقع؟!

حينما تطال الطبقية التعليم الذي هو حق للجميع دون استثناء، فإننا نجد أنفسنا أمام أزمة حقيقية يجب تحليلها وحلها، حين نرى تلقي التعليم ليس بالمستوى نفسه ولا الوسائل نفسها!

فعندما توفر المدارس الأهلية أرقى مستويات التعليم لطلابها، من مبان ومرافق ترفيهية ولغات ورعاية وتحفيز، نجد بالمقابل في بعض المدارس الحكومية قصورا تعجز العقول عن استيعابه، خاصة في بلد كهذا البلد، حباه الله كل المقومات التي تمكنه

من جعل كل مدارسه بالمستوى نفسه من التعليم والرقي والرفاهية معا.

ويظل السؤال المحيّر الذي يؤرقنا جميعا كمهتمين: ما ذنب أولئك الذين لا تمكنهم ظروفهم المادية من الدراسة في مثل هذه المدارس، لا سيما أن من بينهم أذكياء ومبدعون يُخشَى عليهم من الإحباط، في ظل ظروف وبيئات تعليمية غير محفزة، بينما

لو توافرت لهم ظروف أفضل لزاد إبداعهم ونمت مواهبهم، وكان مستقبلهم باهرا.

الحقيقة، لا نعلم أين الخلل تحديدا؟!

ليس هذا فحسب، بل إننا اليوم نفاجأ بقرار أشد وطئًا، وقع كالصاعقة على رؤوس الخريجين المتحمسين لإكمال الدراسات العليا، أو الالتحاق بالدبلومات المختلفة التي تزيد فاعليتهم وإعدادهم لسوق العمل إعدادا جيدا، ألا وهو الرسوم التي فُرضت على الدراسات العليا والدبلومات!

لا نعرف حقيقةً، على أي أساس توضع هذه القرارات ولمصلحة من تصب؟! وعن أي دراسة يتم استحداثها؟!

فإذا كان الخريج لا تتوافر لديه أجرة السيارة التي تقله إلى مقر دراسته إلا بشق الأنفس، فكيف له أن يدفع آلاف الريالات رسوما دراسية؟!

وكيف يتفق أصحاب العقل والمشورة في الوزارة على مثل هذه القرارات المحبطة، ومن المستفيد منها؟!

قطعا ليس الدارسون ولا البلد، بل الجامعات نفسها والكليات، ويؤسفنا جدا أن يتحول تعليمنا إلى مؤسسات ربحية، والبقاء فيه للأغنى كما هو الحال في قطاع الصحة.

إننا نأمل من المسؤولين سرعة التراجع عن مثل هذه القرارات التي لا تخدم تعليمنا ولا وطننا، ولا تحقق ما نصبو إليه جميعا من إنتاج فئة مميزة من أبنائنا وبناتنا يحملون أعلى الشهادات، لنفاخر ونكاثر بهم ونسلّمهم راية التطوير والمسير قدما إلى مزيد من الإنجازات التي من شأنها تعزيز مكانة هذا الوطن المعطاء وخدمته، والاكتفاء الذاتي من الكوادر المؤهلة.