قلما تحدَّث مسؤولو «حزب الله» ومرشحوه، في الفترة التي سبقت الانتخابات اللبنانية الأخيرة، عن الانتشار العسكري للحزب في سورية.

وبدلا من ذلك، ركَّز هؤلاء على قضيتين رئيسيتين: الاقتصاد والفساد.

إن أكثر ما يريد «حزب الله» تجنب النقاش فيه هو العلاقة بين قتاله في سورية لدعم نظام الأسد، وتداعيات تآكل الاقتصاد وازدياد الفساد التي يعانيها داخل لبنان.

عموما، إن حالة الاستياء الاستثنائية داخل قاعدة «حزب الله» السياسية الشيعية التقليدية هي نتيجة لانزلاق الحزب عميقا في الحرب السورية، والعدد الكبير المتزايد لقتلى الحزب هناك. وبالنسبة لبعض مؤيدي «حزب الله» القدامى، كانت عقيدة «المقاومة» ترتبط تحديدا بإسرائيل، وليس بالدفاع عن بشار الأسد وحربه ضد المدنيين السوريين السُنة في الغالب. وفي الفترة التي سبقت الانتخابات النيابية، انتشرت لافتات على الطريق السريع في منطقة البقاع، أهم معاقل «حزب الله»، تعارض مرشحي الحزب وتحمل شعارات مثل«نحرص على المقاومة، لكن ولاءنا هو لبعلبك الهرمل».

لقد أخذت حالة من السخرية والشك تبرز داخل صفوف «حزب الله»، حيال الثمن الباهظ الذي يدفعه التنظيم لدعم نظام الأسد.

فكثير من مقاتلي «حزب الله» يرون «أنهم يدفعون الثمن كله، بينما يحصد الإيرانيون المنافع. ونتيجة ذلك، فإن أعدادا كبيرة من المحاربين القدامى يتركون الحزب، ويفسحون المجال لمجموعة جديدة ومختلفة من المقاتلين الأصغر سنا».

وينضم المقاتلون الجدد إلى الحزب للحصول على راتب، أكثر من قناعتهم بالقضية، وهو ما يجعل الحرب السورية، قضية اقتصادية وليس أيديولوجية بالنسبة لهذا الجيل الجديد من جنود «حزب الله».

بناء على ذلك، يعاني «حزب الله» أيضا من أزمة ثقة تقوم على الإدراك بأن الجماعة أصبحت موغلة في الفساد. ويجند «حزب الله» مقاتليه من أفقر المناطق في ضاحية بيروت الجنوبية ومنطقة البقاع على طول الحدود اللبنانيةـ السورية، وبدرجة أقل من جنوب لبنان. لكن في الوقت الذي يجند فيه «حزب الله» الفقراء، يستفيد أنصاره الأغنياء ماليا من الحرب.

ومعظم هذه الشخصيات المتنفذة الفاسدة، متورطة بشكل أو بآخر في الشبكة الإجرامية التي توفر الدعم المالي لـ«حزب الله»، وبشكل خاص الجزء الذي يمول إرهاب الجماعة وأنشطتها العسكرية، والذي أشارت إليه وكالات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة بـ«مكوّن الشؤون التجارية» في «حزب الله»، وقد شمل التحقيق 7 دول وأدى إلى اعتقال عدد من أعضاء «حزب الله» والمتعاونين معه، بتهمة الاتجار في المخدرات وغسل الأموال وحيازة الأسلحة لاستخدامها في سورية.

ولكن، إلى جانب تهريب الأسلحة والاتجار بالمخدرات وغسل الأموال، فإن بعض الشخصيات البارزة في «حزب الله» متورطة في مشاريع إجرامية شنيعة منها الاتجار في الجنس والبشر.

إن «حزب الله» منفتح بشأن أزمة الفساد التي تواجه جميع الأطراف اللبنانية، بما في ذلك الحزب ذاته. لكنه يغلق صفوفه ويخفي غسيله القذر عندما يتعلق الأمر بمسؤولين كبار مثل زعيتر وبزي، اللذين يمثلان عفنا في نواة الدائرة الضيقة لقيادة الحزب.

ويمتد فساد «حزب الله» إلى أبعد من سوء الإدارة المالية، ويسمح لبارونات الحزب الأقوياء بكسب المال من اقتصاد الحرب في سورية، في الوقت الذي يقوم بتجنيد المشاة وقودا للحرب، من بين الفقراء.

وبالنسبة للمجموعة التي تصف نفسها بأنها «حزب الله»، فإن أمثال زعيتر وبزي يمثلون مشاكل مخزية.

إن فساد «حزب الله» يستشري أعمق بكثير مما يمكن لنصرالله الاعتراف به.



* مدير برنامج «ستاين» للاستخبارات ومكافحة الإرهاب بمعهد واشنطن – صحيفة (ذا هيل) - الأميركية