إن ضبط إيقاع السوق العقاري يحتاج كثيرا من التنظيمات، حيث تسود السوق عشوائية يقتات عليها اقتصاد غير ظاهر للعلن، في الجانب الآخر من العالم في شقتي الأميركية وقبل أن أوقع عقد الإيجار لفت نظري لوحة إلزامية تصرح بأننا نطبق قانون الإسكان العادل، وهو قانون فيدرالي بالمناسبة، يعني هذا تطبيقه على جميع الولايات، ويهدف هذا القانون في المقام الأول إلى حماية المستأجر من تعسف المؤجر بناء على التمييز العنصري بدلا عن الموارد المالية، فقد يكون التمييز بناء على لون البشرة أو القبيلة أو امرأة مطلقة لدينا مثلا. في أميركا كانت هناك دعوات لإقرار هذا القانون في مطلع القرن العشرين، ولكنه لم يقر إلا بنهاية الحرب العالمية الثانية، يركز القانون على محاور مهمة وهي «رفض بيع أو تأجير مسكن لأي شخص بسبب العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو الحالة العائلية أو الأصل القومي، والتمييز على أساس المحاور السابقة في شروط وامتيازات بيع أو استئجار المسكن، وكذلك الإعلان عن بيع أو تأجير مسكن يشير إلى تفضيل أو تقييد أو تمييز على أساس العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو الإعاقة أو الحالة العائلية أو الأصل القومي، كذلك الإكراه أو التهديد أو الترهيب أو التدخل في تمتع الشخص بحقوق السكن أو ممارستها على أساس أسباب عنصرية أو انتقام ضد شخص أو لمنظمة مجتمع مدني تساعد أو تشجع ممارسات السكن العادل».

 هذا القانون الأميركي قد حماني ويحمي المبتعثين يوميا ممن يريدون تطبيق ممارساتهم العنصرية سواء أكانت موجهة للمبتعث أو لغيره من الأعراق، رغم أن الحق يقال، لم أواجه في الإسكان أي إشكالية عنصرية غير أنهم كما في أي بلد في العالم عندما يرون الأجنبي يظنون أنه لا يفهم في قانون البلد ويحاولون الالتفاف عليه قدر الإمكان بدون ترك دليل، لأنهم يدركون إمكانية تعرضهم للملاحقة القانونية، على صعيد متصل، كم هناك سعودي يعاني من هذه المشكلة في صمت؟ قد تكون هذه المشكلة صغيرة بالفعل لكن ما ينقصنا هو توفر أرقام شفافة ودراسات جادة من الهيئة العامة للإحصاء لا تجامل بل تعرض الحقيقة كما هي، وعندها يتخذ صاحب القرار قراره بناء على معلومات من أرض الواقع، أو بالإمكان استخدام استطلاعات الرأي لمعرفة حجم المشكلة، دون هذا وذاك حتى لو كانت النسبة صغيرة لدينا، تبقى هناك فئة بحاجة للحماية، فهذا القانون مهم وامتلاكك سكنا تؤجره أو تبيعه لا يعني أن تمرر من خلاله أفكارك العنصرية، المفترض أن رفض قرار تأجيرك الوحدة السكنية أو بيعها يكون بناء على مواردك المالية لا جنسك أو لونك أو دينك أو أصلك القومي، كلنا نعلم أن هناك مؤجرين يرفضون التأجير للسعودي ويؤجرون للأجنبي والعكس كذلك بناء على رغبة المالك، إذاً فعلى وزارة الإسكان مشكورة التصدي لذلك، فمع قدوم السياح تلوح بالأفق فكرة البطاقة الخضراء (الجرين كارد) وتملك الأجانب للعقارات - وهو أمر قديم - فسوف تظهر هناك على السطح إشكالات لا بد من وضع قانون لها لضبط العلاقة بين المستأجر والمؤجر.