إنه عنوان (The Peacock Angel) لكتاب كتبته السيدة دروار (Lady Drower) اشتغلت عليه أنا لمدة أسبوعين عسى أن أضيف إلى ماعندي من معلومات عن هذه الطائفة فلم تزدني إلا ضبابا.
ولكن هذه السيدة العجوز أعجبني منها ذهابها للمنطقة حيث تنتشر طائفة اليزيديين، وهم غير الزيديين اليمنيين، وقصتهم عجيبة وهم ينتشرون نواحي جبل سنجار، الممتد بين العراق وسوريا.
قامت الكاتبة برفقتهم والأكل والشرب معهم، ومحاولة اكتشافهم من الداخل، والرقص في دبكات حلقاتهم، والتنزه معهم، ورؤية بيوتهم وكهوفهم وينابيع شربهم وسقيهم، وتصويرهم وبيوتهم ومواشيهم، ولكنها اعترفت أنهم يتكتمون على عقائدهم جدا، خاصة فيما يتعلق بذكر الشيطان؛ فهم يحتاطون إلى أبعد حد من ذكره والتعرض له، وهو ما جعل الناس يقولون عنهم إنهم عبدة الشيطان الرجيم، وليس الأمر على إطلاقه، وربما كان (علي الوردي) عالم الاجتماع العراقي هو من الذين حاولوا إنصافهم؛ بأنهم ومن خلال رؤيتهم لكل الفساد الأرضي أن يقولوا أن هذا العالم على ما يبدو يحكمه الشيطان! ولذا فهم يسمونه بالطاووس ويتحاشون شروره، ولكن ألم يكن ستالين يوما للروس ألعن من الشيطان الرجيم؟! وليس الوحيد!
قالت الكاتبة إنهم يعملون لتكريمه التماثيل والأشكال، ولكنهم في عمومهم شعب بسيط، منعزل أقرب للأمية، تحسنت أحواله مع الوقت والتعلم حيث كان التعليم محظورا إلا على الكهنوت، كذلك كان التزاوج بين الطبقات محرما قد يقود إلى قتل الفتاة التي تجرأت فتزوجت من غير طبقتها، ويقولون إن بدء عقيدة ونشوء هذه الفرقة ترجع إلى رجل اسمه عدي بن مسافر من أيام الأمويين فهو الشخصية المركزية عندهم. كما أن مقامه يشبه الحج فيجتمعون من كل مكان ويحتفلون في أيام معدودات! ومن عجائب أمورهم أنهم لا يتزوجون يوم الثلاثاء، ويبتعد العريس عن عروسته سبع ليال عددا قبل الدخول بها، ويتجنبون في حديثهم مفردات وحروف كلمة الشيطان، مثل شاط ومشط ومخاط وطشت، ولا يأكلون البامية واللوبيا ويتجنبون لبس الأزرق! ويعتبر بابا شيخ الرئيس الديني الأعظم له يجلونه ويحترمونه.
وأذكر جيدا من مدينتي التي نشأت فيها في القامشلي أن الناس كانوا يتناقلون فيما بينهم التحذير عند التعرض للشيطان أو الاستعاذة منه في مجالسهم، وهو ما حدث في البرلمان العراقي حين بدأ أحدهم بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فأنكروا عليه ذلك، وكان لا بد من ترتيق الموضوع سياسيا بين سنة وشيعة وأكراد ويزيديين وتركمان وآشوريين وكلدان وبرمائيين! فالعراق أرض النمرود والسحر والفرق والشيع والملل والنحل.
ومما كان يروي الناس ويتناقلونه عنهم، وأعترف أن هذا لم أره فضلا عن ممارسته، أنه لو قام أحد برسم دائرة حول يزيدي انحبس فيها فلم يقو على الخروج، حتى يأتي من يكسر الحلقة من الخارج، وهذا يروي عن أثر العقائد في تفكير الناس، وعلينا ألا نضحك منهم وعليهم؛ فربما كان عند البعض من السخف أكثر من هذا ولكن أكثر الناس لا يعلمون.