تتصاعد التوترات في منطقة الخليج مجددا، خصوصا في مضيق هرمز، ويوما بعد آخر تعلو أصداء تلك الصراعات التي اشتعلت منذ 30 عاما مضت.

والآن، كيف يمكن أن يبدو الصراع في مضيق هرمز، وإلى متى قد يستمر؟

وقبل كل شيء، ما الإستراتيجية المثلى التي يُمكن للولايات المتحدة اتخاذها تجاه إيران؟

لا شك أن النقطة المحورية بالنسبة للمنطقة بأسرها تكمُن في المدخل البحري الضيق المسمى «مضيق هرمز»، والذي لا يتجاوز عرضه 30 ميلا.

ونعلم أن لدى إيران خططا تفصيلية لإغلاق المضيق، وتنوي لتنفيذ ذلك استخدام مجموعة متنوعة من السبل، منها استخدام الألغام على نطاق واسع، وحشود من القوارب الصغيرة فائقة السرعة، وصواريخ مثبتة على الساحل، وطائرات يقودها طيارون، وغواصات ديزل.

بطبيعة الحال، يُعد كل هذا غير قانوني وفقا للقانون الدولي، وستترتب عليه العواقب المقصودة والمتمثلة في تحدي الولايات المتحدة والدول العربية الخليجية مع دفع أسعار النفط نحو الارتفاع. ومن المؤكد أن استجابة الولايات المتحدة وحلفائها ستأتي قوية.

الملاحظ أن الرئيس دونالد ترمب، الذي طالما أبدى كراهيته لإيران ومقته للاتفاق النووي الذي أبرمته معها إدارة أوباما، جاء رد فعله حادا إزاء إشارة خامنئي المبطنة للعب بورقة مضيق هرمز، حال فرض الولايات المتحدة عقوبات إضافية ضد بلاده. وخلال ذلك، يحاكي ترمب أسلوب التعامل الأميركي مع كوريا الشمالية، وذلك برهانه على أن خامنئي والمتشددين في طهران سيتراجعون ويختارون المسار الدبلوماسي، بدلا من الحرب. وللأسف يتسم الإيرانيون بطابع أيديولوجي أعمق كثيرا من كيم يونج أون.

وعليه، فإن الإستراتيجية الفضلى بالنسبة للولايات المتحدة أكثر من التغريدات الغاضبة، صياغة إستراتيجية شاملة قوية ولكنها عقلانية في الوقت ذاته تجاه إيران. وينبغي أن تتضمن العناصر الأساسية لهذه الإستراتيجية تعزيز جهود المراقبة وجمع المعلومات، وبناء دفاعات صاروخية أقوى للقواعد الأميركية المحورية في المنطقة، واستخدام مزيد من الهجمات السيبرية لتقويض الخيارات الإيرانية، والدفع بقوات بحرية أكبر إلى المنطقة، خصوصا بحر العرب الشمالي، وقبل كل شيء ضمان وقوف الحلفاء الأوروبيين إلى جانبنا فيما يخص فرض عقوبات أشد صرامة ضد النظام الإيراني.

المؤكد أن العنصر الأخير سينطوي على صعوبة هائلة في أعقاب الانتكاسات التي شهدتها قمتا مجموعة الدول الـ7 وحلف «الناتو»، إذ أثار ترمب سخط قيادات الدول الحليفة. وستبقى هذه المشاعر السلبية داخل أوروبا سببا في فجوة كبيرة بين الإدارة الأميركية وأفضل شركائنا في أوروبا.

ولا يسع المرء سوى الأمل في أن يتمكن وزيرا الخارجية مايك بومبيو، والدفاع جيمز ماتيس، من العمل على إعادة توحيد الصف مع حلفائنا، مع صياغة إستراتيجية ذكية للتعامل مع التهديد الإيراني. لقد سبق أن عايشنا مثل هذه اللحظات من قبل، ونجحنا في إبقاء مضيق هرمز مفتوحا وعجلة الاقتصاد العالمي مستمرة في الحركة.

إلا أن تكرار هذا الإنجاز هذه المرة يتطلب مزيجا دقيقا من القوتين الصلبة والناعمة، وإستراتيجية متناغمة للتعامل مع التهديد الإيراني القائم على الأرض.


جيمز ستافريديس*

* أميرال بحري متقاعد بالبحرية الأميركية وقائد عسكري سابق لحلف الناتو - شبكة «بلومبيرج» الإخبارية الأميركية