مقولة (من الحب ما قتل) لا أعتقد أنها تنطبق تماماً على المحلل المالي الكبير الدكتور تركي العبدالله (ولم يذكر بقية اسمه) الذي تكرم علي برد (ضاف) نشرته "الوطن" السبت في صفحة نقاشات مدافعاً بـ (عدله وإنصافه وعلمه) عن شركة الراجحي المصرفية أمام (جوري وظلمي وجهلي) عندما قارنت بينها وبين بنك الرياض في بعض الجوانب أثناء حديثي عن الصيرفة الإسلامية، ولم يوفق في دفاعه فقد كان يواصل طعنها بخنجره (قلمه) المرة تلو الأخرى وهو يظن أنه يدافع عنها، ولم يكن ذلك بالطبع بسبب الغيرة الشديدة كما هي في بعض قصص الحب القاتل ولكن كان ذلك فيما يبدو بسبب عدم إجادته فن الدفاع.

لقد تحدث طويلاً في المقدمة وفي النهاية عن عدم التخصص ليقلل من شأن ما كتبت لكنه لم ينتبه إلى أن هذا يمس جهود وإنجازات رواد شركة الراجحي المصرفية وعمالقتها الكبار ابتداء من الشيخ صالح أطال الله عمره مستصحاً سعيداً، والشيخ سليمان وهبه الله المزيد من الصحة والقوة، وانتهاء بقائدها الحالي الأستاذ عبدالله بن سليمان الراجحي متعه الله بالمزيد من الصحة والتوفيق، وآخرين كثيرين آزروهم وصاحبوهم في رحلتهم الطويلة الشاقة الحافلة بالإنجازات، فهؤلاء أيها المتخصص (الذي لم يذكر تخصصه ولا طبيعة عمله ولا بقية اسمه) شقوا الصخر وعملوا وأنجزوا الكثير ليس بتخصصهم ولا حتى بدراستهم ولكن بذكائهم وعصاميتهم وإقدامهم وإصرارهم وإخلاصهم لعملهم وبطموحهم الكبير.. وهذه أولى طعنات الأخ تركي.

لقد ترك أخونا المحلل كل المقارنات التي أوردتها ورد على نقطة واحدة فقدم الطعنة الثانية لحبيبته عندما دافع عن تجاوز أرباح الراجحي لأرباح بنك الرياض مع تماثلهما في رأس المال وتقاربهما في حجم المال المستثمر، (الرياض 600 والراجحي 1600 مليون) فقال إن ذلك يعود إلى أن (أكثر من 80 مليارا من إجمالي أصول المصرف تقع في قطاع الأفراد وهو القطاع الذي يخدم شريحة كبيرة من المواطنين وكذلك يتحمل معدل مخاطرة عالياً جداً، فإدارة المصرف أخذت جانب المخاطرة لتحقيق عوائد أكثر لمستثمريها) وهكذا فهو يعترف ضمنا أن شركة الراجحي تأخذ من المواطنين الأفراد الذين يلجؤون لها ويختارونها لتلبية حاجاتهم من النقود أرباحاً عالية (أضعافاً مضاعفة) مما تأخذه هي أو غيرها من الشركات، أما سبب رفعها معدل الأرباح على هؤلاء المواطنين الأفراد فيا له من سبب!! إذ يفهم من كلامه أن هؤلاء الأفراد هم الخطر الكبير الذي لا بد من مواجهته برفع معدلات الفوائد حتى تعوِّض هذه الزيادة الكبيرة الخسائر الناجمة ممن لا يفون بالتزاماتهم ويتهربون من تسديد ما عليهم، وهذا أمر عجيب إذ إنه لو كان هذا صحيحاً لكانت حصيلة الأرباح النهائية التي تؤخذ من الأفراد أقل من الأرباح التي تؤخذ من الشركات أو تكون متقاربة على الأقل أما أن تكون أضعافها ثم يقول هذا الكلام فإنه يصعب قبوله، فالعبرة دائماً بالنتائج والنتائج تقول إن المواطنين الأفراد يفون بالتزاماتهم ربما أكثر من الشركات ويدفعون فوائد أكثر بكثير منها، ولذلك كانت جملة الأرباح التي جاءت منهم أضعاف الأرباح التي جاءت من الشركات، ثم يا عزيزي الدكتور تركي كيف يكون هؤلاء الأفراد الضعفاء خطرين وهم بلا سند والمصارف والبنوك التي تقرضهم تحجر على رواتبهم ولا تكتفي بهذا بل أحياناً تطالب بتزكيات وضمانات، وتأخذ منهم تواقيع على بياض يخولون المصرف والبنوك فيها ببيع أسهمهم إن كان لهم شيء من ذلك في أي وقت يقرر المصرف فيه هذا، ويا أخي تركي الجميع يعلمون من أين أتت المصائب الحالية للبنوك والمصارف التي اضطرت من أجلها لعمل مخصصات كبيرة كانت وما زالت تشطبها من أرباحها ربع السنوية، فهذه المصائب يا عزيزي لم تأت من الأفراد بل من الشركات، ثم كيف بالله عليك قلت ما قلت عن الفرد الضعيف الذي يتم تربيطه قبل إعطائه أي قرض مهما قلّ بخلاف الشركات القوية ورجال أعمالها الكبار أصحاب النفوذ والقوة التي تقرضها البنوك بدون أية ضمانات..؟ بصراحة لا أعتقد أن شركة الراجحي توافقك فيما قلته، بل وأرى أنك أسأت لها أمام المواطنين من العملاء وغيرهم، وأعتقد أنه من حقها أن تدافع عن نفسها حيال هذه الإساءة الشديدة. أورد المحلل الكبير سبباً آخر للارتفاع الكبير لأرباح شركة الراجحي المصرفية عن أرباح بنك الرياض فقال إن (مصرف الراجحي يعتمد على أساس كفاءة العمل بأقل التكاليف في حين أن بنك الرياض يظهر بوضوح حجم الإنفاق العالي في المصاريف) وبالرجوع لمصاريف الراجحي اتضح أنها أكثر من مصاريف بنك الرياض إذ أوضحت قوائم الربع الثالث أن مصاريف الراجحي "1.326" مليون ريال في حين أن مصاريف بنك الرياض "887" مليون ريال. ويبدو أنه نسب المصاريف إلى الدخل، فجعل نسبة مصاريف الراجحي لدخله 26% ونسبة مصاريف بنك الرياض 39% واعتبر ذلك تفوقاً في كفاءة الراجحي، ولا أدري كيف تكون هذه كفاءة مع أن هذا الارتفاع في الدخل في الراجحي عنه في الرياض الذي أوجد هاتين النسبتين يعود لزيادة معدل الفوائد على المقترضين الأفراد كما أوضح هو.. هل هذه كفاءة؟ حتى في هذه أسأت لشركة الراجحي أيضاً حين اعتبرتَ رفع الفوائد على الأفراد الذي أدى لتلك النسب التي أوضحتها كفاءة في الأداء. وصمني المحلل الدكتور تركي بعدم الحياد وسألني لماذا لم أقارن الراجحي بسامبا؟ والإجابة على ذلك موجودة في مقالي السابق فقد ذكرت أنني اخترت نموذجاً متوافقاً مع الراجحي في كل شيء، رأس المال، والودائع، وحقوق المساهمين، والموجودات، والمال المستثمر، وسامبا غير متوافق مع الراجحي في بعض الأمور، ولكن لا بأس فلنقارن بسامبا طالما أن الدكتور تركي يريد ذلك، وأسأل سعادته لماذا عندما أورد سامبا قارنه ببنك الرياض ولم يقارنه بالراجحي.. هذا أمر لافت.. ولكن حسناً سنقارن سامبا بالراجحي كما رغبت.. فسامبا كما قلت بلغت موجوداته 185 مليار ريال والراجحي موجوداته "181" مليار ريال أي أقل من موجودات سامبا ومع ذلك فسامبا يربح 1100 مليون ريال فقط في حين أن أرباح الراجحي أكثر منه بما يقارب 50% أي 1600 مليون ريال، فما تفسير المحلل الكبير تركي لذلك..؟ هل الراجحي المصرفية أكثر كفاءة من سامبا كما قال بالنسبة لبنك الرياض؟.. وأعجب وأقوى طعنة وجهها المحلل الكبير الأخ تركي لمحبوبته هي تلك الأخيرة (ختامه مسك) عندما تمنى على مؤسسة النقد أن لا تسمح لي بكتابات (ادعى أنها تحليل مالي) ولكن أتدرون ما هي مبرراته؟.. إنها في غاية العجب.. فهو يعتقد أن ما كتبته قد يهز شركة الراجحي المصرفية، ثم يهز الاقتصاد الكلي للبلد.. يقول محللنا الكبير بالحرف الواحد بعد أن عرَّج مرة ثانية على عدم التخصص (كما أتمنى من مؤسسة النقد وهي الجهة التي تشرف على البنوك أن لا تسمح لأي شخص قادر على الكتابة أن يقوم بكتابات يدعي أنها تحليل مالي، لأن أية اهتزازات في البنوك هي اهتزاز للاقتصاد الكلي للبلد).

الله.. الله.. الله.. جبر الله بخاطرك يا شيخ تركي، مقالتي يمكن أن تحدث اهتزازات في الراجحي المصرفية أو غيرها من البنوك؟؟ إني يا عزيزي أولاً لم أكتب تحليلاً مالياً، ولم أقل ذلك، بل كتبت مقارنات بسيطة موجهة للبسطاء مثلي، وقد ظلمت (أنت) شركة الراجحي بما قلته ظلماً مبيناً، فقد أبرزتها لقراء مقالك خاصة وأنهم قد يكونون من محبي شركة الراجحي وربما من العاملين والقائمين عليها في صورة هشة جداً لذلك الحد الذي يمكن معه أن تهتز من مقالة عابرة بسيطة غير متخصصة مثل مقالتي.. لا يا عزيزي.. سأضطر للدفاع عن شركة الراجحي أمام ظلمك لها، وأقول إنها كيان عملاق بناه رواد كبار (ليسوا متخصصين) وهي صامدة ليس في وجه المقالات فالمقالات النقدية تقوي الجهاز ولا تضعفه، ولكن في وجه الأزمات المالية العاتية وآخرها الأزمة المالية الأخيرة وهي أكبر بكثير من الصورة التي أبرزتها بها في ردك، وكل ما أخشاه أن تكون أحد المسؤولين فيها وفي هذه الحالة تكون إساءتك ليس فقط لحبيبتك ولكن أيضاً إلى نفسك والجهاز الذي تعمل فيه.. تحياتي وشكري لك على أي حال.