الهوّة واسعة وعميقة بين طرفي هذا العنوان؛ فحوارات google لا تحتاج إلى موضوعاتٍ ممتازة، بقدر حاجتها إلى شخصيّات مثيرة؛ وهي لا تتطلب سوى اختيار ضيفٍ له آراء تختلف عن المألوف.

ضيف حوارات google كاتبٌ صحفي في الغالب، يُوضعُ اسمُه على طُرّة الشيخ google ليهبَ المعدَّ بضعة أقوال صادرةٍ عن الضيف في حالاتٍ مختلفة، ثم يبدأ الحوار متكئاً على: أنتَ قلتَ، وأنتَ تقول.. إلى أن تنتهيَ المحاكمة الحواريّة بتسليط الكثير من الضوء على الضيف دون الموضوع، ثمّ يتخلّق لنا نجمٌ باهت.

شتّان بين هذه الحال، وبين ما نشاهده كلَّ خميسٍ أخير من الشهر في برنامج: "حوار العرب" على قناة العربيّة، فالموضوعُ ـ هنا ـ مُقدَّم على الضيوف، والضيوف أصحاب علاقةٍ مباشرةٍ بالموضوع، والقضيّة المُثارة همٌّ عربيّ عام، يتنقّل بين بلدٍ عربيّ وآخر.

"حوار العرب" نسخةٌ متلفزة من "مجلّة حوار العرب"، التي كانت تصدرها مؤسّسة الفكر العربي، وهو ـ بحكم حداثة الوسيلة ـ أوسعُ انتشاراً من أُمّة المجلّة الراحلة، فضلاً عن اعتماده على الأسلوب التفاعلي مع الجمهور من خلال عمليات التصويت الإلكتروني والمداخلات والأسئلة بما يحقّق فكرة الحوار نفسِها، بل ويقدّمها على طبقي: النخبويّة، والشعبويّة.

حتّى الآن، وعبر ثلاث سنوات، قُدّمت من "حوار العرب" بضعٌ وعشرون حلقة، لامستْ في العقل العربي مؤرّقاته الكثيرة، وعلّمت الصامتين كيف ينطقون بلا زلل، ودون بحثٍ عن البطولات القوليّة الفلاشيّة الزائفة، بل وعلّمت الإعلاميين كيف يكون البرنامج الحواريّ "برنامجاً حواريّاً".

نعم، البرنامج مدعومٌ من مؤسّستين ضخمتين، إلا أنّ الدعم ليس السبب الوحيد في النّجاح، وإنّما اختيارُ العقول التي تختار الموضوعات والضيوف هو السبب الرئيس، وليتنا ـ دائما ـ نضعُ كلّ عقلٍ في مكانه المناسب، وندع العقولَ الدعيّة في شؤونها التي صُمّمت لها، ليتعلّم القافزون فوق الحواجز أنّ لكلّ مكانٍ أهلاً.

شكراً "حوار العرب"، فأنتَ تقدّم دروساً كثيرة تتجاوز موضوعاتك.