اعتادت الشعوب العربية والإسلامية على مر السنين، الاستعداد لشهر رمضان المبارك في أواخر شهر شعبان، حيث يخصص يوم للاحتفال بقدوم رمضان في بعض الثقافات ويطلقون عليه اسم «شعبنة»، ويجتمع فيه الأهل والأصدقاء والجيران، ويتم تقديم الأكلات الشعبية والحلويات، وتمتلئ الشوارع والأسواق بلافتات ولوحات الترحيب بمقدم الشهر الكريم، ويقبل الجميع على شراء أصناف الأطعمة الرمضانية استعدادا للشهر.

وتختلف الدول الإسلامية في بعض تفاصيل من جوانب الحياة الاجتماعية في أصناف طعام الفطور والسحور وفي العادات والتقاليد لاستقبال الشهر الكريم، وتتميز كل دولة إسلامية بمجموعة من السمات والعادات والتقاليد التي تصاحب هذا الحدث السنوي.


حب وشغف

أوضح عمدة البلد بمدينة جدة عبدالصمد، خلال حديث إلى «الوطن»، أن استقبال رمضان يكون بالحب والشغف لبلوغه والفوز بمغفرته، مشيرا إلى أن منطقة الحجاز تستعد للشهر بترتيب البيوت من الداخل، وجلب الكسوة الرمضانية، وتوزيع السلال الغذائية على الأيتام والفقراء، إضافة إلى تنافس السيدات على إطعام الطعام لجميع الأسر.

وأضاف «على الرغم من تطور علم الفلك، وسهولة رصد أيام الشهور الهجرية، إلا أن المجتمع السعودي ما زال يفضل الطريقة التقليدية لمعرفة بدء شهر رمضان، وهي تلك الطريقة التشويقية التي تعتمد على رصد الهلال، إذ يترقب الجميع في آخر أيام شهر شعبان خبر التأكد من ظهور هلال رمضان، ليبدأ الناس بالتهاني لبعضهم البعض بقول «رمضان مبارك» و«كل عام وأنتم بخير» وغيرها من عبارات الترحيب».




عادة لبنانية

يأتي ذلك في وقت اعتاد اللبنانيون تسمية ليلة رؤية هلال رمضان بـ«سيبانة رمضان»، حيث ينتشر المسلمون على الشواطئ لتبين الهلال ثم يتوجهون إلى المحكمة الشرعية للإدلاء بشهادتهم. كما يحرص اللبنانيون على استغلال الأسبوع الأخير من شهر شعبان للخروج في نزهات إلى الطبيعة، حيث القرى التي تقدم كل ما لذ وطاب من الأطعمة والمشروبات.




مصطلحات مختلفة

يطلق المغاربة على استبيان هلال رمضان لفظ «شعبانة» لأن الرؤية كانت تقام في الأيام العشرة الأخيرة من شهر شعبان. واعتاد المغاربة تقديم الحلوى إذا ثبتت رؤية الهلال، ويطوف الأطفال بها لتوزيعها على الناس والمصلين في المساجد في آخر ليلة من شعبان.

أما الأطفال في مصر فيطلقون عبارة «وحوي يا وحوي» فرحا بقدوم رمضان، وكان تشتعل قناديل المساجد قديما، ويخرج الأطفال حاملين «الفوانيس» يغنون الأناشيد في حالة من الفرحة.

وفي إندونيسيا، وبعد إعلان المكتب الشرعي لثبوت الرؤية، ينطلق «اللوبران»، وهو طقس يتمثل في منح جميع التلاميذ إجازة في أول أسبوع من شهر رمضان، ويتجه الرجال إلى المسجد لإحياء صلاة التراويح والنساء يتجهن إلى المساجد قبل إعداد أول سحور جماعي، فيما تنير مآذن المساجد بالأنوار المختلفة. وفي باكستان تنطلق «زفة الطفل»، حيث يزف الطفل الذي يصوم أول مرة كأنه عريس، وتبدأ النساء في صناعة «الباكورة» وهي عبارة عن بطاطا مخلوطة بالبهارات، وهي أكلة شعبية مخصصة لشهر رمضان. وتنطلق النساء في ماليزيا في ظاهرة تسمى «طواف السيدات»، حيث تطوف السيدات في المنازل لقراءة القرآن، وإعلان بدء الصوم والتنبيه على الإفطار الجماعي.




عادات

أما في نيجيريا فيحتشد المسلمون في احتفال يطوف شوارع المدن الرئيسية، حيث يدقون الطبول ويرددون الأغاني ابتهاجا بقدوم شهر الخير. ويعتمد المسلمون هناك في ثبوت شهر رمضان على رؤيتهم الخاصة للهلال دون غيرهم، فيما يزدحم الحلاقون في موريتانيا بعد إعلان ثبوت رؤية الهلال ويبدؤون في قراءة القرآن وتوزيع الحلوى.

من جانبهم، يحرص السودانيون على الاستعداد مبكرا لرمضان، حيث تنبعث من المنازل السودانية رائحة جميلة هي رائحة الآبري أو «المديدة»، وبمجرد ثبوت رؤية الهلال تنطلق مسيرة مكونة من رجال الشرطة والجوقة الموسيقية العسكرية في شوارع المدن الكبرى. إلى ذلك تتسابق البيوت في الجزائر على تغيير طلائها بدهان جديد قبيل قدوم الشهر الكريم مع شراء أدوات المطبخ والأغطية الجديدة، وتطهير البيوت بالكامل وتنطلق التواشيح الدينية. أما التونسيون فيحرصون منذ بداية ليلة 28 شعبان على تزيين الشوارع والبيوت بالفوانيس والزينة والمصابيح.