في بداية التسعينات، كان الحديث عن السيارة التي تقود نفسها نوعا من الخيال العلمي، وظهرت في تلك الآونة أفلام وروايات تتحدث عن العربات ذاتية القيادة، كان صاحب السيارة يتصل بها مناديا فتنطلق باتجاهه مباشرة، وتتفادى مفاجآت الطريق بمهارة عالية حتى تصل.

ما كان خيالا علميا أصبح اليوم واقعا ملموسا، فالسيارات بدون سائق بدأت تدب فيها الحركة وتجوب الشوارع.

لم تصل ثقتنا في هذا المنتج الجديد إلى الحد الذي يجعله بديلا للطرق التقليدية، لكن الباحثين في هذا المجال يتقدمون بسرعة كبيرة، لتذليل جميع التحديات التي تواجهها هذه التقنية.

الآن، سأعرض باختصار شديد أهم الحلول التقنية الحديثة التي مكّنت العربات ذاتية القيادة من التحرك دون وجود السائق خلف المقود.

من باب تبسيط الموضوع، دعونا نحصر الحواس والمهارات التي يستخدمها السائق خلال القيادة، ثم نستبدلها بحلول تقنية «هكذا يفعل الباحثون».

أهم حواس السائق هو النظر، وتقدير المسافات بين العربة والأجسام المحيطة بها، استبدلنا عيون السائق بالكاميرات ذات الدقة العالية، لكن الكاميرات لا تستطيع تقدير المسافات كما ينبغي، ولذلك عززنا دورها باستخدام تقنيات الرادار التي تحسب المسافات بدقة متناهية.

في حال حدوث أي مفاجأة خلال القيادة على الطريق، يتخذ السائق ردة فعل مناسبة لتجاوز الخطر. الخيارات المتاحة أمام السائق محدودة مثل الانعطاف يمينا أو شمالا، أو استخدام الكوابح، أو زيادة السرعة. كل هذه الخيارات تم برمجتها بحيث تقوم العربة بتنفيذها آليا حسب الظروف.

إذن، السيارة ذاتية القيادة ببساطة تتكون من حساسات خارجية مثل الكاميرا والرادار، وجهاز يستقبل البيانات من الحساسات ويعالجها بسرعة فائقة «هذا بدل عقل السائق». نتيجة المعالجة ترسل القرار لنظام التحكم الذي يقوم بالتنفيذ حسب الظروف المختلفة.

في سبيل استشعار مزيد من التفاصيل المحيطة بالعربة، تستخدم تقنية حديثة شبيهة بعمل الرادار تسمى «الليدار». نظام الليدار يرسل إشارات ضوئية بدل الأشعة الراديوية، ويتميز بقدرته على اكتشاف كثير من الأجسام في المحيط القريب بكفاءة. في عام 2016، أعلنت شركة «تسلا» الرائدة في هذا المجال، عن مفهوم تعلم الأسطول «Fleet Learning»، وهو نظام يعتمد على تبادل المعلومات وتحديثها عن طريق التشارك بين السيارات ذاتية القيادة، بحيث تنقل كل سيارة تجربتها على الطرق المختلفة إلى بقية الأسطول، وذلك لرفع مستوى الأمان، وجعل القيادة الذاتية أكثر سهولة.

أخيرا، تخيّلوا معي حجم الكوارث التي ستحصل في حال تعرض أنظمة التحكم في السيارات ذاتية القيادة لأي هجوم سيبراني.