إثيوبيا تتحرك إلى الأمام، إذ أدت استقالة رئيس الوزراء المحاصر هايلياريام ديسلجن، في فبراير الماضي، إلى إعادة ترتيب السلطة السياسية في البلاد منذ عام 1991، عندما أطاح المقاتلون الشباب بالرجل القوي الماركسي الذي كان يخدم منذ زمن طويل منجيستو هايلي مريم.

وقد اتبعت الإدارة الجديدة، بقيادة رئيس الوزراء أبي أحمد «42 عاما»، أجندة إصلاحية نشطة. فهي تريد إعادة صياغة العقد الاجتماعي السلطوي والاستبدادي القديم، وتوحيد المجتمع الممزق في البلاد.

لكن، ليس من الواضح ما إذا كان أبي أحمد سينجح، وكان التقدم حتى الآن مختلطا.

ولكن إذا فعل ذلك، فستكون أمام إثيوبيا فرصة ليس لإعادة إنتاج نفسها فحسب، بل أيضا لإحداث موجة من الإصلاح، وربما حتى التحول إلى الديمقراطية في المنطقة الأوسع.

أما الكتلة الجديدة، فقد كانت في قلب إصلاحات أبي أحمد، فهي الدافع إلى حملة  للمصالحة الوطنية. فقد أطلقت الحكومة السجناء السياسيين، وسمحت للمعارضين المنفيين بالعودة إلى ديارهم، وألغت تجريم جماعات المعارضة المسلحة، ورفعت حالة الطوارئ المثيرة للجدل. كانت سرعة التغييرات مذهلة.

في أبريل، اقترح أبي أحمد أن على رؤساء الوزراء الإثيوبيين الالتزام بحدود زمنية محددة. وفي يونيو، اعترف بأن الدولة تورطت في انتهاكات خطرة لحقوق الإنسان، حتى وصل إلى حد وصف السلوك السابق للحكومة بأنه شكل من أشكال الإرهاب. وفي يوليو، ألزم نفسه بإجراء انتخابات حرة ونزيهة عام 2020.

إلى جانب إصلاحاته الداخلية، صدم أبي أحمد علاقات إثيوبيا مع جيرانها. وفي يونيو أعلنت الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية التي يرأسها أبي، أن إثيوبيا ستقوم في النهاية بتنفيذ اتفاق سلام مع إريتريا وقّعه البلدان عام 2000، مما يتطلب من إثيوبيا تسليم الأراضي المحتلة، وتمهيد الطريق لإنهاء الحرب التي بدأت عام 1998. في الشهر التالي، أصبح أبي أحمد أول زعيم إثيوبي يزور العاصمة الإريترية أسمرة، منذ ما قبل الحرب. وبينما وقّع هناك، والرئيس الإريتري إسياس أفورقي «إعلانا مشتركا للسلام والصداقة» أنهيا العداء الطويل لبلادهما، وأتاحا المجال لتجديد التعاون بين البلدين.

ولم تتوقف جهود أبي أحمد على ذوبان الجليد في العلاقات الإريترية الإثيوبية، بل تقدم إلى الأمام على جبهات أخرى. في يونيو، زار أبي أحمد مصر، بطلب من الرئيس عبدالفتاح السيسي، وأقسم أن إثيوبيا لن تضر بمصر في نزاعها حول مياه النيل. ووصلت العلاقات مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهما الآن لاعبان رئيسيان في حوض البحر الأحمر، إلى مستويات تاريخية.

لقد عززت الإصلاحات الداخلية التي قام بها أبي أحمد، ونهاية الأعمال العدائية مع إريتريا، الآمال بأن عقودا من الاستقرار الإقليمي قد تفسح المجال لعهد جديد من السلام والتنمية.


مايكل وليمريم*



*أستاذ مساعد في العلاقات الدولية والعلوم السياسية بجامعة بوسطن الأميركية - مجلة (فورين أفيرس) – الأميركية