عندما تذهب الأوطان أين نجد الأمان، هكذا قالها لي أحد أصدقائي العرب الذين تعرضت بلاده لانفلات أمني أدى إلى حروب وخلافات شردتهم غرباء، مثله صديقي الذي يعمل في مطعم في العاصمة بكين، يخبرني بصوت يملؤه الحنين والأسى كيف أنه كان ينعم في كنف أسرته بحياة هادئة مستقرة، وكيف كانت يومياته في شوارع وأزقة مدينتهم الصغيرة، التي يجزم بأنه لم يصدق أنها أصبحت مجرد مدينة خربة يملؤها الخوف ولا تصلح حتى للحيوانات أن تعيش بها، بعد أن كانت تنبع منها السعادة والفرح والاطمئنان.

شعارات حقوق الإنسان لبعض المنظمات الدولية خدعت الكثير من الشعوب، جعلتهم يعتقدون أن حقوقهم تكسب بالفوضى والشغب، ولكن ما إن وقعت تلك الشعوب في الحروب الأهلية حتى وجدنا تلك الدول التي ترعى هذه المنظمات أول من تصنفهم بالشعوب غير المرغوب بهم للدخول، يحددون أعدادا قليلة لاستضافتهم مؤقتا لذر الرماد في العيون ومن ثم يجبرونهم على الرحيل.

الجهات الأمنية في وطننا الغالي استطاعت -بفضل الله- ثم بفضل رجالها المخلصين والصادقين أن يفككوا الخلايا الإرهابية، ويصلوا لهم في عمليات استباقية، حتى أصبح أكبر طموح الإرهابيين هو التخفي لأطول فترة ممكنة بعد أن كانوا يخططون لتنفيذ عملياتهم الإرهابية في أكثر الأماكن ضررا على البلاد.

وجنودنا البواسل في وزارة الدفاع يقفون على الحدود مسطرين أعظم قصص التضحيات، وما هو أعظم ممن يضحي بدمائه وروحه من أجل أن يحمي حدود وطنه ولا يسمح لشبر واحد أن يمسه العدو.

هذا الوطن الذي أحمل جوازه الأخضر في كل مكان مصدر فخر لي بأن وطني بفضل شعبه المتماسك مع قيادته استطاع أن يتجاوز كل أزمات الشرق الأوسط التي خلفت الكثير من المصير المظلم المجهول لملايين الأشقاء العرب، ونعلم جيدا أن التطرف الحقيقي هو كل ما يهدد مصلحة أمننا ووطننا، ونعي أن التستر الحقيقي هو التستر عن كل من يحاول بالسر أن يهدم صرحنا ويزعزع استقرارنا، ولذلك لا نجدنا نصمت عنهم، بل نقف ضدهم حتى لو كانوا أقرب الناس لنا، لأن أمن الوطن أولا وقبل كل شيء.