كلا القطاعين يمثلان الركيزة الأقوى والأهم تقريبا في رؤية المملكة 2030، وعلى عاتقهما تقع مسؤولية متابعة وإنجاز العديد من الأهداف، والأمر يعد طبيعيا لما يشرفان عليه من مهام اقتصادية واجتماعية، وما لديهما من خطط تنموية تشمل شرائح عديدة في المجتمع، قد لا يكون لدى البعض فكرة عن هذه الشرائح، ولا ما يناط بقطاع العمل والتنمية تجاهها من أعمال، ما هو معلوم لديهم أنهما كانا إلى عهد قريب وزارتين منفصلتين وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية، لتدمج بعد ذلك في وزارة واحدة تحت مسمى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، قطاع العمل يمثل جانبي الأعمال والعمال وما يتفرع عنهما من قضايا وإجراءات، بينما تأتي التنمية لتمثل الجانب الإنساني والاجتماعي على حد سواء، لتضم تحت جناحيها أكثر من مركز إيوائي ودار حماية وأيتام ومكاتب ضمان ومراكز تنمية، تشرف على برامج التوعية المجتمعية وغيرها من تفرعات لها علاقة وثيقة بمشاكل اجتماعية عدة، كما أنها تتشارك مع مؤسسات حكومية وأهلية في مسؤوليات ومهام أخرى تلامس أفراد المجتمع بشكل مباشر.

 ومن هذه اللمحة البسيطة يتضح لنا عظم المسؤولية التي تقع على عاتقها ليس في ما تتضمنه من مهام، ولكن أيضا في من يقومون بهذه المهام سواء أكانت ميدانية أو إدارية ورقابية تتابع تنفيذ خطط الوزارة على أرض الواقع، حيث تتطلب هذه الكوادر تأهيلا عاليا يتماشى وحجم المسؤوليات وما تفرضه أنظمة العمل الحالية من تعليمات وطرق حديثة في عملية الإنجاز، وما تحاربه من صور الإهمال والتهاون في أداء الأمانة، والقفز إلى أعلى السلم دون رصيد كاف يحمي من السقوط عند أول اختبار لمدى الأهلية لذلك المنبر، الذي أخذ بحق أو دون وجه حق، أيضا التنمر ضد بعض الفئات لعدم وجود عقوبات رادعة، كأن يتسلط المسؤول الرجل على الموظفة المرأة ويصادر حقها تحت طائلة الصلاحيات المطلقة، وتصفية الحسابات عن طريق تلفيق التهم وتلويث ملف الموظف بالقرارات التأديبية لضمان عدم منافسته للبعض مستقبلا، وغيرها احتكار البعض لجميع المهام الإدارية في الإدارة التابع لها، بحجة أنه الأقدم ولديه معرفة تامة بما كان وسيكون، وهذه الفئة تعد الأسوأ لأنها تؤصل للفكر القديم وتحارب التجديد لتتكرر أخطاء الإدارات ومشاكلها.

 ومهما غيرنا من مدير أو رئيس فهو في كل ما يفعل يستعين بتلك الشخصية التي عملت مع من سبقه ليعاد نفس السيناريو معه بكل مشاكله وإخفاقاته، وهذه النماذج لا تتوقف عند حد معين بل وتتدخل في مهام الموظفين في الأقسام الأخرى، وتتجاوز مديري المكاتب والوحدات وصولا إلى موظفيهم، إما بهدف التوجيه لأمر ما أو لمساعدتهم في التحايل على الأنظمة كتابة أو لفظا، غير تبنيها بالدعم والتشجيع لبعض الباحثين عن الفوضى وإثارة المشاكل، وهذه الشخصيات تراها تكيل الأذى لمن يتساءل عن السر في منحها تلك الحرية في التحرك داخل إدارة يجب أن تحتكم إلى مديرها، فهو الأقدر على تمييز الموظف الكفاءة والذي يسعى جاهدا إلى أن يكون في دائرة الأمان والنظام دائما وغيرة المتسيب وغير المنجز.

 ما ذكر هنا تعاني منه بعض الإدارات ولكن واقع الحال وفي هذه المرحلة تحديدا ينص ويشدد على أن تغادر الجاهلية الإدارية إدارات الدولة ومؤسساتها إلى الأبد، وأن يتعامل ويعمل الجميع وفق مبادئ المواطنة الحقة أولا ثم بالفكر الوعي الذي يبحث عن كل ما يطور أداءه في العمل، وليس ما يساعده على المزيد من الحيل والتجاوزات التي يظن واهما أنها لن تكتشف يوما ما وينال العقوبة المستحقة على فعلها، ونعود إلى الوزارة الأكثر شمولا وتطورا وجدية في إشراك المرأة فعليا في مسؤولياتها (العمل والتنمية)، لنثني على جهودها الجبارة ونهمس لوزيرها ونائبيه أن لا تغفلوا عن مناطق الأطراف، فهي تحتاج متابعة واهتماما ونظرة تطويرية عميقة جدا، وحتى وهي في الأطراف غير أنها مواكبة لمسيرة الخير وشغوفة للتغيير أكثر من غيرها لأنها ترى فيه نهاية لما تعانيه من مشاكل لا تخفى على المتابع لمشاريع وبرامج الوزارة، والتي نتمنى أن تعمم عند التنفيذ دون أن تكون الحظوة للمدن الكبرى والأكثر تحضرا من المنظور العام، لأن ذلك سيضعف من نتائج التجارب المطبقة ويزيد من اتساع الفجوة بين فروع الوزارة، من حيث تطور الخدمات المقدمة وارتفاع مستوى الأداء لدى الكوادر الوظيفية بشكل عام.