88 عاما، عنوان لملحمة وطنية تحكي سيرة كفاح وتضحية رجالات قدموا الغالي والنفيس في سبيل الوطن وتوحيده، وعلى رأس هؤلاء الرجال البطل المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- قائد النهضة الذي وحّد المملكة بعدما كانت مناطق متناثرة وقبائل متناحرة، وبعد مخاض عسير شهد ملاحم بطولية، فاجتمعت حوله القلوب وتآلفت النفوس، فوضع الأساس المتين لهذه البلاد التي تنعم اليوم بالرخاء والأمن والاستقرار، بعدما عاشت فترة مظلمة من تاريخها، عنوانها الفقر والجهل والخوف وانعدام الأمن.

يعيش الوطن هذه الأيام ذكراه الثامنة والثمانين، في يوم يتجدد فيه الانتماء للوطن الذي قدم لأبنائه الكثير في سبيل تحقيق آمالهم وطموحاتهم، وتزداد فيه أواصر التقارب والتلاحم بين القيادة والشعب متانة وقوة، وتتوحد حوله الرؤى والأفكار في سبيل تحقيق أهدافه وغاياته المنشودة.

88 عاما، سمتها البارزة هي الثبات على المبادئ، وعلامتها الفارقة هي الوقوف ضد كل محاولة تسعى إلى نشر الفرقة بين أفراده، والرغبة الجادة في التصدي لكل متطاول على مقدرات هذا الوطن. ومع كل ما تمر به البلدان حولنا من قلاقل وفتن، فإنها لم تزد هذا الوطن وأبناءه إلا ثباتا ورسوخا ورغبة طموحة لتقديم المزيد، والمضي قُدُما للحاق بركب الدول المتقدمة.

واجهت هذه البلاد تحديات داخلية وخارجية، وخاضت مواجهات فكرية وعقائدية مع أعداء متربصين بها، ومع كل تحد تمر به تزداد الحاجة إلى تأصيل الانتماء وحب الوطن في نفوس أبنائه، وتذكير الأجيال الجديدة بمآثر الآباء المؤسسين لهذا الكيان العظيم، ونشر الوعي حول ضرورة الحفاظ على مقدساته ومكتسباته وموروثاته، ليكون حاضرنا امتدادا لماضينا، ونقلة واثقة نحو مستقبل مشرق لأبنائنا.

فكلنا فخر بهذا الوطن العظيم، وما قدمه من حماية للمقدسات وخدمات جليلة للحرمين الشريفين، وتسهيلات لضيوف الرحمن، يشهد بها القاصي والداني، ولا ينكرها إلا مكابر أو جاحد، وكل مشاريع الحرمين الجبارة، شاهدة على ذلك.

وكلنا فخر بهذا الوطن الذي يحمي ويكرس جهوده وطاقاته في خدمة المقدسات، مما أعطاه مكانة دينية غير مسبوقة، فضلا على ما يزخر به من ثروات طبيعية ومعدنية وخصائص جيو- سياسية، جعلت لوطننا ثقله السياسي على المستويات العربية والعالمية كافة، وكل هذا -بفضل الله- ثم بفضل قادة هذه البلاد الذين حرصوا على لَمّ شتات هذا البلد، وحفظ كيانه ودفعه نحو التقدم والازدهار.

إن يومنا الوطني ليس كسائر الأيام، إنه فرحة السعوديين السنوية، والتي دائما ما تكون مفعمة بالجمال والبهجة، إذ يكتسح اللون الأخضر شوارع المدن ومبانيها ومعالمها الحضارية، في سلوك يعبّر عن الشكر والامتنان لهذا الوطن المعطاء، الذي لم يبخل يوما على أبنائه وبناته، مذكرا إياهم بواجبهم تجاه وطنهم، وما يترتب عليهم من الدفاع عن مكانته والرد على كل من يحاول المساس بوحدته ومقدراته.

يحمل اليوم الوطني رمزيات ومعاني سامية ترسخ الانتماء وتعزز الهوية، لذلك الاحتفال به واجب علينا جميعا، لتخليد تاريخنا العريق وتعريف الأجيال الناشئة بمآثر وإنجازات الوطن، وغرس القيم التي تجعلهم يفخرون ويباهون بوطنهم أمام العالم.