إن من يتابع الأحداث في لبنان يتأكد أن عهد الرئيس ميشال عون من أكثر العهود فسادا ومحسوبيات، وخسارة للعلاقات الخارجية مع دول عربية وغربية، ويتأكد بما لا يقبل الشك أن لبنان الـ10452 كلم2 انتهى إلى غير رجعة، طالما أن هذه الزمرة الحاكمة مسيطرة على السياسات الداخلية، وتعمل بشكل يومي على تحقيق مصالحها وطموحها السياسي، على حساب لبنان وشعبه وقضيته ووطنه.

منذ عودة ميشال عون إلى لبنان من فرنسا، التي هرب لاجئا إليها، وعاش فيها أكثر من 15 سنة، وهو لم يقدم للبنان وشعبه أي جديد إلا الخطابات الرنانة، وتوزيع الاتهامات بالفساد هنا وهناك، والتحالف مع حزب الله، وإدخال لبنان في صراعات كان في غنى عنها، وتحويل البلد إلى مستعمرة يحكمها الإيراني من جهة والسوري من جهة أخرى، وكل ذلك بمباركة ميشال عون وطائفيته المقيتة، في اعتبار المكون السني في لبنان «حيوان»، والشيعة مظلومين ومقاومين وأبطالا، والمسيحيين أصحاب حق مضطهدين يجب استرداد حقوقهم بالتعاون مع الشيعة، ولو اضطر الأمر إلى تهجير وقتل وسجن كل السنة المعارضين في لبنان لمشروع عون وحزب الله.

ميشال عون الذي قدم التنازلات بشكل هستيري لحزب الله لم يقدمها مجانا، بل دفعت إيران والأسد الثمن على شكل وعود بإيصال عون نفسه إلى بعبدا، وتوزير صهره جبران باسيل، وتعيين مسؤولين في الدولة من حاشية عون، وإعطاء الرئيس أراضي في سورية كهدايا، وتمويل محطة OTV، وغيرها من المؤسسات والشركات، حتى وصل رصيد الرئيس وصهره إلى أرقام خيالية، وأصبح اللاجئ العائد من فرنسا رئيسا، وصهره -غير المعروف النسب سياسيا- وزيرا للطاقة وللاتصالات والخارجية، وفي كل وزارة من هذه الوزارات سجل فشلا وترك علامات تعجب واستفهام كثيرة، بسبب الفساد والاختلاسات وسوء الخدمات والإخلال بالوعود، وآخرها في الخارجية كان توريط لبنان بتصريحات لا تشبهه، مستسلما فيها لحزب الله وإيران على حساب العلاقات مع الأشقاء العرب، والتي ضحى بها ميشال عون وصهره الصغير، على أمل أن يصبح في يوم من الأيام جبران نفسه رئيسا للجمهورية اللبنانية، ولو على حساب الاستقرار والأمن داخل لبنان نفسه.

منذ وصول ميشال عون إلى بعبدا، تعهّد بأن يكون عهده قويا حازما يحاسب الفاسد ويلاحق المتسيب والمتسبب في الهدر العام، وأراد في عهده إصلاح الكهرباء وملف النفايات والماء والغذاء والدين العام، وغيرها من الملفات، وليس آخرها الاتصالات والعلاقات مع العرب والغرب، ولكن بقيت وعوده على الورق، وأصبح عهده الأكثر فسادا واختلاسا وسوءا في الخدمات، وزيادةً في الضغط على الاقتصاد، وتوترا متزايدا أمنيّا، وخسارة أكبر للعلاقات مع كل الدول، واستسلاما لحزب الله وإيران والأسد، وخضوعا تاما لقرارات حسن نصرالله وسياساته، فتحول عون حقا إلى جندي صغير جدا جدا جدا في ولاية الفقيه، ينقصه فيها إعلان التشيّع، وتقبيل يد المرشد الأعلى خامنئي، ولعن الصحابة وزوجات الرسول، وحضور مراسم عاشوراء ليحصل على البركات، ويتحول إلى ضابط صغير جدا.

اليوم، وفي كل يوم، نكتشف -وبتصرفات هذا الرئيس وحاشيته- أن لبنان الأرز انتهى مؤقتا، ولن يعود إلى حاضنته العربية إلا بعد انتهاء هذه الزمرة الطاغية الفاسدة، التي وفي آخر أفلامها أخّرت سفر 150 لبنانيا إلى القاهرة، لتنقل حاشية الرئيس وعائلته في رحلة إلى نيويورك، متجاهلين الشعب اللبناني وارتباطاته ومسؤوليته وحقوقه كإنسان أولا، وكدافع للضرائب وممول للخزينة التي يسافر الرئيس وصهره وحاشيته على حسابها ونفقتها.

هل يتعظ الشعب ويأخذ قرارا حازما بمحاسبة هؤلاء الفاسدين، من أعلى هرم السلطة إلى أسفله؟

تبقى الإجابة عن هذا السؤال رهن الظروف الإقليمية، وما سيحصل في سورية وإيران بالمستقبل القريب.