ما ياو*


*باحث بمعهد الإستراتيجية والأمن الدولي، جامعة فودان الصينية - (بيبولز ديلي) - الصينية


جذبت القضية السورية انتباه العالم أجمع مرة أخرى مؤخرا. وفي 24 سبتمبر المنصرم قال وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو إن موسكو ستزود سورية بنظام «300 S-أرض جو الصاروخي» خلال أسبوعين، من أجل تعزيز أمن القوات الروسية المتمركزة في سورية. وحذَّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو روسيا على الفور قائلا: لا تعطي الأسلحة لأشخاص غير موثوقين.

 وتفيد التقارير أنه بالإضافة إلى توفير صواريخ الدفاع الجوي S-300، قال شويغو أيضا إن الجانب الروسي سيُقدم نظام التحكُّم الأوتوماتيكي الفريد من نوعه لقيادة قوات الدفاع الجوي السورية. وفي الوقت نفسه، فإن القوات الجوية التي تهاجم الأهداف في سورية ستخضع للتدخل الإلكتروني والسيطرة من قبل روسيا في مجالات الملاحة عبر الأقمار الصناعية، وأنظمة الرادار وأنظمة الاتصالات المحمولة.

لماذا تقوم روسيا بنشر أنظمة دفاع جوي متقدمة في سورية؟ أعتقد أن المسابقة الجيوسياسية بين الولايات المتحدة وروسيا في الشرق الأوسط دخلت مرحلة جديدة. ففي ظل المساعدة الروسية، بدأ نظام الأسد في استرجاع الأراضي والقيام بهجوم مضاد كبير، ولم يبق أمامه سوى ثلاث عقبات رئيسية: القوات المسلحة المناهضة للحكومة في إدلب، والجيش التركي على الحدود التركية السورية و«الجيش الحُر» الذي يدعمه، «الجيش الديموقراطي» المدعوم من قبل الولايات المتحدة ودول أخرى في شرق الفرات، وعلى الرغم من هذا، فإن روسيا لا تجرؤ على التعامل معها بسهولة، حيث إن القوة الجوية للدولة الغربية في سورية قوية للغاية، ومن السهل تغيير الوضع إذا شن هجوما جويا مرة أخرى. وقد أضر بروسيا كثيرا في الماضي، ففي ربيع هذا العام، شنت الولايات المتحدة ضربة جوية أسفرت عن مقتل قوات روسية في سورية.

قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لوكالة الأنباء الروسية، إن نشر أنظمة S-300 الروسية في سورية سيزيد من خطر تصاعد التوترات في المنطقة. وأشار المتحدث إلى أن استخدام نظام الأسد تكنولوجيا عسكرية روسية لتعزيز نظام الدفاع الجوي الخاص سيزيد من خطر حدوث تصعيد في المناطق الخطرة، ويزيد من مستوى خطر تنفيذ الولايات المتحدة وشركائها هجوما على تنظيم «داعش»، مضيفا أن روسيا مسؤولة عن تصرفات النظام.

تعود شدة رد فعل الولايات المتحدة إلى سببين اثنين: أولا، المجال العسكري، حيث تبين الحالة على الأرض أن القوة الجوية للولايات المتحدة لم تعد قادرة على فعل كل ما تريده، وهذا بالتأكيد ليس جيدا للدول الغربية. ثانيا، المجال الجيوسياسي، حيث لا يمكن للولايات المتحدة إرسال قوات برية للتدخل حالما يكون الوضع في سورية غير مواتٍ لتغيراتها، ولا يمكن أن تفعل شيئا وهي ترى روسيا تكسب الزخم في الشرق الأوسط. كما أن الفشل الأميركي في سورية قد يكون له تأثير «الدومينو» في الشرق الأوسط. على سبيل المثال، تواجه الولايات المتحدة صعوبات فيما يتعلق بقضية تركيا وإيران. وهذا بلا شك له تأثير سلبي على انتخابات الرئيس ترمب النصفية.

وفي ضوء ذلك لن تجلس الولايات المتحدة مكتوفة الأيدي، وسوف تتخذ التدابير مستقبلا. ومن هذا المنظور، لا تزال سورية بعيدة عن السلام.