رأيك ليس قانونا أو محاكمة!

رأي أحدهم فيك ليس محاكمة، أو قانونا أزليا لازبا، غير قابل للتحول والتبدل

بل تذكر يا صديقي، يا

 «رابط النفس والنهى *** ثابت القلب والقدم»

أن المذنب قد يحاكم المخطئ عندما يقترف مخالفة تتناقض مع جرمه!

وأن قولك عن شخص هو مجرد رسم لسمتك ونشأتك!

لذا، يا عزيزي لا تكن كما قال نازك الملائكة

 «لا صورة تنبض فيها حياة لا شيء غير الرّماد»

بل كن «ذِي جَمَالٍ صَقِيلِ الْخَدِّ مُبْتَسِمِ»

إذا كان يهمك حقا رأي الآخرين فيك، فكن كالرحيق يجدر بسرب النحل لسعك!

ثم يصبح خالصك الصافي، عسلا فيه شفاء لكثير من الأسقام والآفات.

«يا رحيق الورد يا شهد النفوس يا وسيع العين يا كبر الفضا»

نحن كمجتمع آدمي، نسترسل في التقاط المعلومات من عالمنا الاجتماعي باستمرار، لنكون مواكب وحشودا مصنفة بمختلف المكارم والمناقب والمعايب والمثالب، وجزءا من ميولنا «غير البهيمية» إصدار الأحكام، بعضها قد يكون سريعا وتلقائيا، والبعض قد يكون دقيقا جدا ويستغرق منّا بضع ثوان! ثم يعتدل ويكتمل ونستهل به السجال والجدال!

هل رأيت أيها الرؤوف الشريف، كم كنت تجزع من مناهض منافس لا لشيء غير كونه آدميا، ينجز يومه وفقا لتصور وحدس البشر.

علم الاجتماع يوجز لنا التالي: نحن جميعا نميل إلى أن نصدر أحكاما عن الآخرين في الموضوعات التالية: مدى كفاءتهم، ودفئهم، ومؤانستهم للآخرين، ودرجة أو منزلة أخلاقهم.

«ويظل ما عندي سجينا في الشفاه *** والأرض تخنق صوت أقدامي»

أي أن هذا يقودنا إلى موضوع مهيب ومروّع: وهو من منا عندما يرتعد ويوجس خيفة يبهت ويظلل؟!

من منا يزور ويلفق عندما يجزع ويشفق؟!

أتمنى أن تكونوا كما قال إيليا أبو ماضي:

«لا يتّقي شرّ العيون *** ولا يخاف الألسنا».

هناك مسألة أخرى لا يمكننا تناسيها أو غض الطرف عنها! هل لديك رأي فردي

وخصوصي؟!

أم أنك محصول وغلّة قطيع؟!

هل تستطيع أن تعلن الكساد والعقم عندما تلحظه وتحس به؟! مع أن القوم أوالرهط يرددون: هناك نتاج! هناك حصيلة!

تذكر أن الرأي له قوة! يمكّن العالم من استمرارية العمل والتحسين، ويمكّن المنتجات من البدء والخدمات من الاستهلاك، والشركات من الربح والخسارة!

الرأي يشكل عناوين الكتب، وينحت الفن، ويوجد قوى ويمحو أخرى.

لذا، بدلا من التأمل وترديد رأي أحدهم على طرف طاولتك! انهض واندمج مع العالم الذي تحركه الكلمات، وتذكر أن صدق رأيك لن يكسبك كثيرا من الأصدقاء، ولكن قليل النخبة، فما أسعدك أيها النجي النديم!.