من يتابع نتائج الزيارات المتعددة للدول العربية، وقبلها العالمية، وصولا إلى قمة العشرين، يلمس كيف أن سمو ولي العهد كان حاضرا في إعادة ترتيب الأولويات في كل زياراته، وفقه الله.

فالزيارات الملكية إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا، كانت انطلاقا لربط الوجود الغربي، خاصة السعودي والخليجي، في تلك الزيارات التي أنهاها سموه في ذلك الوقت بإسبانيا، ليؤكد سموه أن المصالح العربية المشتركة مع هذه الدول، ممثلة في السوق السعودية والخليجية، وأن الارتباط بين هذه الدول القوية مع اقتصادنا القوي -بحمد الله- جعل العالم يرقب أي تحرك سعودي نحو الآخر، حتى جعل بوصلة الروس تخطط لزيارة السعودية، وقبلها الرئيس الأميركي عند توليه إدارة أميركا، فجعل الدور السعودي خطّا متينا قويّا لربط العالم الأوروبي والأميركي باقتصاداتنا في المنطقة العربية، وأعني بها السعودية ومصر والخليج، ثم انتقل سموه ليعزز هذه المكانة ويعيد صياغة أهداف الأشقاء مع رؤية المملكة، فقام سمو الأمير محمد بن سلمان بزيارة الأشقاء في الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر الكنانة، وهو العقد الرباعي الذي حجّم الدور القطري منذ فترة حتى يعود إلى المنظومة الخليجية، إن رغب في تطبيق البنود الـ13، وهو الموقف الذي خرجت به زيارة ولي العهد ضمن نجاحاتها، وتأكيدها على ضرورة تطبيق هذه الشروط أو استمرار المقاطعة، وهو ما لمسناه من تعنت القطريين واحتضانهم من قبل إيران والإخونجية، وهو ما يؤكد استمرار الدول الأربع في المضي قدما نحو تحجيم هذا الدّور النشاز عن الخليج الحب والوحدة، وإذا أرادت قطر -كما يؤكد المراقبون- أن تعود إلى الحضن الخليجي، فهي تعرف طريقها إلى الرياض، والتخلي عن سياسة الدعم وتمويل الإرهاب الذي تسبب في شتات الأمة العربية. إن سمو ولي العهد عندما أراد تجديد المواقف هذه، بدأ بالشقيقة الإمارات، ثم انتقل إلى جناح الأمة العربية الآخر مع السعودية وهي مصر، التي نراها جميعا أن موقفها على مر التاريخ ثابت مع المملكة في كل عزم تتجُه إليه المملكة، وهو هنا واضح المعلم، أننا نريد أمة قوية متحدة نعيد فيها الهيبة واستعادة المكانة والريادة أمام المجتمع الدولي.

هذه الزيارة التي أرادها الأمير محمد بن سلمان، هي تؤكد على أن قادم الأيام مختلف عن ذي قبل، ومن أراد أن يشذ عن الركب فليس له مكان بيننا، وقد اتضح هذا من مواقف المملكة مع الإمارات والبحرين ومصر وتونس، وبالتأكيد ترحيب بقية الدول العربية بآراء ومواقف المملكة لاستعادة الدور القوي للأمة العربية كلها، بعد الخريف العربي الذي تلعبه قوى دولية عجزت عن تنفيذ مخططاتها، نظرا للمواقف السعودية الجادة لصد مثل هذا المشروع، والمملكة تدرك مع أشقائها العرب أن وحدة العرب هو مستقبل الحضارة العربية، ومستقبل الاقتصاد العربي مرهون بالوحدة الاقتصادية والسياسية بين عناصر الأمة العربية كلها، ولهذا كان سمو ولي العهد حريصا على الوصول إلى قمة العشرين، برؤية موحدة مع الأشقاء العرب، ليقول لدول العشرين إن صورتنا المقبلة لن تسمح بأن تذوب هويتنا ومكانتنا وقوتنا في تحالفاتنا الحالية، لن تذوب ما دمنا على قلب سلمان، ووحدة العرب التي يريدها ولي عهده في زمن تكالبت فيه قوى الشر على مقدرات أمتنا، وتحاول تفريق جمعنا.

نحن اليوم أمام ملفات متعددة، حملها الأمير محمد بن سلمان إلى قمة العشرين، وطرحها برؤية مع الأقوياء في أمتنا العربية، وهذا ما أكدت عليه دوائر منصفة في الغرب، ودول صانعة القرار كالولايات المتحدة، وروسيا أيضا التي أبانت عن موقفها الثابت من علاقاتها المتمكنة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج ومصر. تحديدا هذه المواقف هي ما حملتنا على نجاح تلك الزيارات ونجاح قمة العشرين، برؤية ودعم اقتصاد السعودية الذي غرّب وشرّق -بحمد الله- في مصالح بلادنا مع الآخر، حتى رأينا احترام الآخر، وقيادتها في قوة وعزم فاجأ العالم كله. إن السعودية اليوم هي محل نظر العالم حتى في قمة العشرين.