شدّني لهذا الموضوع على مدى ثلاثة أسابيع منظر مؤسف له أن تقوم الحكومة بتقديم منجزاتها، فلا تلبث سوى أشهر حتى تراها خرابا بلقعاً، وهذا ما شاهدته خلال زيارتي العملية إلى كورنيش إحدى مدننا العزيزة، فقلت لعلها حالة شاذة، وأخذت نفسي للتجوال في عدد من المواقع ذات مساء وزيارة ما يعرف بالحدائق العامة والممشى العام، فجزمت يقينا أن هناك تلفيات لصنابير المياه وقطع الشجر والمكوث على المساحات المزروعة وترك النفايات في مواقع التنزه، وهو أمر مرفوض بتاتا عند الموطنين والمخلصين، وتذكرت معها «بلد لا نحترمه لا نستحق العيش فيه»، وأمانات المدن فعلت برنامجا جيدا تحت مسمى المحافظة على البيئة والمحافظة على الممتلكات العامة، تعمل جاهدة على استمراره بوعي المواطن والمقيم معا، لكن المناظر التي لا تليق بنا نحن أبناء الوطن أن نسكت على ما يقوم به الزائرون للأماكن العامة والمساحات الخضراء، وعدم احترام الطرق ورمي النفايات بشكل غير مرتب في الحاويات التي أعادت أمانات المدن تصنيعها وبشكل أنيق يتماشى مع منظر المدن، مما يحز في النفس أن لدينا ممتلكات عامة كثيرة كلفت الدولة مليارات الريالات تعاقدت معها الشركات المخصصة لإخراج المدن نظيفة أمام مستخدم الطريق ومستخدمي المنافع العامة وغيرها، كالمدارس والمساجد التي نطالب الجميع بالمحافظة عليها، حتى عقدت مؤتمرات وندوات تخص هذا الجانب، وتطلعنا إلى تحقيق مبادرات الأمانات التابعة لوزارة الشؤون البلدية والقروية التي أعدها مهندسو الأمانات تحت متابعة الوزارة، وأعدت الحملات التوعوية وثقافة المجتمع لاحترام هذه الممتلكات، وسارت الأمور فترة وما لبثنا أن رأينا ما شاهدته من تلفيات لبعض منشآتنا الوطنية، فإذا زرت ملاعب كرة القدم شاهدت فوضوية في عدم احترام الجالسين، وإذا قمت بارتياد المتنزهات شاهدت عجبا وفوضى سوء الاستخدام، فهذا يرمي مخلفاته، وهذا يوقد على الساحة الخضراء، وآخر يفترشها، وهذا يلعب بالكرة داخل المتنزهات رغم إعداد أماكن للترفيه والرياضة، ألا يعلم هؤلاء أن بقاءها والعناية بها هي ستبقى للأجيال طالما أن الصيانة الدورية مستمرة، لكن كيف ينَمو ويَسْلم هذا المنُجز إذا كنت تبني وغيرك يَهْدم، هذا ما يحدث بالفعل، فأين مبدأ التعاون مع الدولة مع المحافظة على ممتلكاتنا، إنها ملك لك وللأجيال، ولهذا أذكر أن هناك برامج قامت بها بعض الدول من حولنا بتطبيق برنامج المحاسبة على الأخطاء مثل رمي المخلفات في الطريق أو إيذاء المساحات الخضراء أو تحطيم الإنارة، هذا البرنامج بلا شك يحتاج إلى وقت وتقنية تشرف عليها هيئات تطوير المدن والأمانات، وبالدرجة الأولى الوزارة الأهم وزارة الشؤون البلدية والقروية، ولا ننسى أن تقوم بمحاسبة ومكاشفة شركات الصيانة التي أبرمت معها عقودا بالملايين ثم نتفاجأ بأدائها السيئ وعدم قدرتها على احتواء المدن، فالأماكن ذات الواجهة تعطي أولوية، بينما الأحياء البعيدة والمدن الصغيرة قد لا تحظى بذات الأهمية، إن تفعيل برنامج مدننا نظيفة التي يشارك فيها المواطن لهو أكبر دليل على أن هذه الممتلكات سوف نحافظ عليها، بإذن الله، وقد قامت أمانات المدن ذات يوم ببرنامج جميل يستحق الذكر والشكر، وهو برنامج أصدقاء البيئة عملت عليه لسنوات، وشاركتها الشركات الوطنية والقطاع الخاص حبذا إعادة مثل هذا البرنامج، بالإضافة إلى تطبيق يوحد الجهود ويحمي الممتلكات من العبث وسوء الاستخدام، أعتقد أن جهود وزارة الشؤون البلدية وأمانات المدن والبيئة وهيئات تطوير المدن هي من تعاني ضعف دور المواطن في جدية المحافظة على هذه المنجزات، التي بذلت فيها أموال طائلة، وفق الله المخلصين لأداء هذه المهمة، ودورنا كمواطنين مهم بالدرجة الأولى لإنجاح هذه المهام، والله الموفق.