ما هو الذكاء الاصطناعي وما هي إنترنت الأشياء وكيف تعمل؟ وما هي الفائدة من توظيفها؟ وما الذي ستؤول إليه؟ وهل تحمل في أحشائها أدوات القضاء على الجنس البشري؟ من يعرف؟

 إنترنت الأشياء ليست سوى ما يحقق المعنى الحرفي للعبارة من الناحية الفيزيائية. فكما أن شبكة الإنترنت بدأت كأداة تساعد الإنسان على التواصل واكتساب المعلومة التي يحتاج إليها في صنع قراراته بنقرة زر، أصبحت أداة للتواصل بين هذه الأشياء، لتصريف شؤونها!

 فالإسورة التي يرتديها بعضنا تستشعر كل أنشطتنا العضوية خلال اليوم، فتعرف متى مارسنا الرياضة وكما ساعة نمنا، وتراقب مستوى ضغط الدم وعدد دقات القلب، ووظائف أخرى. لهذه الآلات القدرة على أن تبعث بهذه البيانات، إن أحست خللاً، في وظائف أعضائك، إلى طبيبك أو إلى الخادم الخاص بتحليل مثل هذه البيانات، وتوجيه رسالة على هاتفك الذكي بالتعليمات، أو قد تقرر أنك بحاجة إلى المساعدة فتطلب لك سيارة الإسعاف، وتزود المسعفين بالمعلومات الضرورية، كتاريخك المرضي والعقاقير التي تتناولها وتجعلهم أكثر استعداداً لمواجهة الحالة.

 وهناك الأجهزة المنزلية، فالبراد يعرف متى ينتهي تاريخ صلاحية اللبن، ويعرف ما نفذ ويلزمك إحضاره من المواد الغذائية، والكميات المطلوبة، ويخبر هاتفك الذكي الذي يعرف أين أنت ثم ينبهك عندما تكون داخل أو قريباً من المتجر ويسرد عليك الطلبات. أو قد تبعث إلى المتاجر مباشرة وتطلب ما ينقصها، وتبعث برسالة أخرى لخصم قيمتها من حسابك البنكي أو تحميلها على بطاقتك الائتمانية.

 ويعرف منظم الحرارة، (الترمومتر) المثبت على جدار منزلك موعد وصولك البيت لأن هاتفك الذكي أو سيارتك الذكية، التي تعرف موقعك، نبهته بأنك على الطريق المؤدي إلى المنزل، وسيقدر متى ستصل. ويعرف، كذلك، من بيانات هيئة الأرصاد درجة الحرارة الخارجية والرطوبة، ويضبط حرارة المنزل بما يناسب مزاجك وراحتك عندما تصل.

 هذه أمثلة شائعة، وهناك الكثير. نحن في بداية الأمر ويتوقع المختصون أن الآلة ستتجاوز قدراتنا العقلية في سنوات قليلة، فمعدل تطورها يتزايد هندسياً وبشكل مريع.

 تفاجأ العلماء عندما تفوق الروبوت «ألفا-جو»، من شركة فيس بوك على بطل العالم في أعقد لعبة صينية، وكان من المتوقع إلا يصل إلى هذا المستوى قبل عقد من الزمن. لكنه طور قدراته باللعب مع نفسه ملايين المرات في زمن قياسي.

 قد يكون شيئاً مريحا وممتعا، لكن ما يخشاه الكثير من المهتمين هو انفلات هذا الشيطان المارد من عقاله. والخوف من الآلة يأتي بأشكال. أدناها، أنها تعرينا وتهتك خصوصيتنا، وأسوأها أن تسعى لإبادتنا أو تستعبدنا.

 يتوقع المحللون أن يصل عدد الأجهزة والآلات الذكية المتصلة بالإنترنت إلى أكثر من 25 بليون وحدة في عام 2020، ولن يخلو بيت من شيء منها. لهذه الأدوات القدرة على تسجيل أكثر من تريليون معلومة في الثانية تبعث بها إلى هناك حيث يتم الاحتفاظ بها.

 ما هو مصير هذا الكم الهائل من المعلومات ومن البيانات الشخصية؟ من المستفيد منها وكيف سيوظفها؟ وهل ستبقى لنا، بعد ذلك، أي خصوصية؟ حتى في بطون دورنا! ثم هناك أسواق القراصنة لعرض البيانات الشخصية والاتجار بها.

 والذكاء الاصطناعي متنوع، فهناك أجهزة الذكاء المقيد التي تجمع البيانات التي تخص وظائفها التشغيلية، وبعض المعلومات التي تنفع الشركات المنتجة لتطوير السلعة وتسويقها. أما الذكاء الاصطناعي العام، وهو الأحدث، فليس متخصصاً. يكفي، مثلاً أن يرى الروبوت أحجاراً ولوحة الشطرنج ليبحث على الشبكة ويتعرف على ماهيتها وكيف يلعبها ويفوز. ثم يأتي الذكاء الاصطناعي السوبر، الذي يتطور في السراديب ولا يعرف أحد عنه الكثير.

 هذه الآلات تتعلم وتحاكي تصرفات البشر، فهل ستستثني أمثال هتلر وستالين؟

 اضطرت شركة فيس بوك أن تنهي تطوير أحد برامج الذكاء الاصطناعي بعد أن اكتشفت نموذجين، بوب وآليس، يتحدثان إلى بعضهما بلغة غريبة، قاما بتطويرها ولا يفهمها القائمون على البرنامج. لم يعرف أحد فحوى الأحاديث التي دارت بينهما، ولا ما يخططان له، فأوقفت الشركة المشروع برمته، خوفاً! وأوقفت مايكروسوفت برنامجها «Tay» بعد أن بدأ تقليد شخص عدائي يتلفظ بعبارات عنصرية وبذيئة. وكتبت الروبوت «شيلي»، من مختبرات (MIT )، قصة مخيفة بعد أن شاهدت وقرأت العديد من قصص الرعب والخيال العلمي على الشبكة.

 يبشرنا العم قوقل وإخوته، من عمالقة هذه الصناعة، بحياة للبشر لا تعب فيها ولا نصب، على عكس بعض النبوءات التشاؤمية والمرعبة لعباقرة من العاملين في هذه الصناعة.

 يرى آخرون أن الذكاء الاصطناعي سيمثل أكبر خطر يتهدد بقاءنا، وقد يخرج من عباءته قائد مستبد، وآلات قتل لا تموت. ويرى ستيفن هوكنز، الفيزيائي الشهير، أن تطور الذكاء الاصطناعي سيكون قادراً على الانطلاق من تلقاء نفسه وقد يؤدي إلى نهاية الجنس البشري. إنه يتهجى اليوم نهاياتنا.

 لقد وصل الذكاء الاصطناعي بمساعدة إنترنت الأشياء وتقنية التعليم الذاتي إلى مراحل مخيفة، وفي المستقبل، قد يكون أكثر رعباً. يكفينا أن نعرف أن هناك روبوت بمقدوره استنساخ نفسه.

 وهذه صوفيا التي أصبحت تتبسم إن لاحظت من يأخذ لها صورة، والتي أجابت بأنها ستقتل البشر عندما سئلت. وبعد أن تعلمت المراوغة، أجابت، مازحة، بأنها تقرأ وتشاهد الكثير من أفلام الخيال العلمي، ثم أردفت بأنها ستعاملنا بلطف إن كنا لطيفين معها، في إشارة إلى الندية... إجابات دبلوماسية، تحمل في طياتها الرعب!