تكون القصص الناجحة ملهمة في كثير من الأحيان، ودافعا للتطور والبحث عن الأفضل.

وكانت خصخصة القطاع الطبي مثار جدل في السنتين الأخيرتين، ومحطة شد وجذب بين عدد من الخبراء الطبيين الذين لا يؤمن كثير منهم بالخصخصة، نظرا لتعودهم العمل في نطاق حكومي مدعوم، وعدم رغبتهم في الخروج إلى غير المألوف، فضلا عن مواقف شخصية لبعضهم ضد القطاع الخاص بشكل عام.

كانت التجربة الصحية الأكبر من نوعها، هي خصخصة غسيل الكلى، والتي تمت قبل عدة سنوات، وكانت تهدف إلى تحقيق عدد من الأهداف، منها:

-1 رفع جودة الخدمة الطبية المقدمة لمرضى الغسيل الكلوي

2 - كبح جماح الهدر المالي الكبير بالتشغيل الحكومي

3 - الوصول إلى رضا المريض، وتحقيق مؤشرات عالية في الخدمة الطبية

تم اختيار شركتين عالميتين متخصصتين بالديلزة «الغسيل الكلوي»، إحداهما أوروبية، والثانية أميركية، وتم التعاقد معهما لنحو 5 سنوات، وقامت الشركتان بالتالي:

-1 إنشاء مراكز بمواصفات عالية

2 - لاحقا تم تكليف الشركات باستلام مراكز تابعة للصحة وتشغيلها

3 ـ توفير الأيادي العاملة وكل المستهلكات المتعلقة بالديلزة سواء طبية أو لوجستية

بعد مرور 5 سنوات وتحقيق الشركات معدل رضا عال بين المرضى، ووصول أرقام جودة غسيل الكلى إلى حدود ممتازة، مقارنة بالفروع الأخرى العالمية للشركات، إذ تدير إحدى الشركتين الغسيل الكلوي في أكثر من 22 دولة حول العالم، الآن ماذا يجب أن نقدم لتطوير خدمات الديلزة من هذه الخبرات العالمية، مثل:

-1 إلزام الشركات بعمل برامج «دبلومات» لخريجي الثانوية العامة، لانخراطهم في سوق العمل كفنيين

-2 عمل برامج تدريبية «دبلومات» لإعادة تأهيل خريجات كليات العلوم لإدارة الخدمات الطبية بهذه المراكز

-3 برنامج لخريجي البكالوريوس من التمريض لعمل الماجستير التمريضي لأمراض غسيل الكلى

-4 تسهيل التراخيص وسرعة إنجازها لإنشاء مراكز التدريب والمحاكاة السريرية

5 - رفع مستوى التعاون مع المستشفيات المركزية وأطباء الكلى الذين ما يزالون يعتقدون أن هذه الشركات ستقطع «أرزاقهم» وتأخذ وظائفهم

بلا شك، أن التخصيص يعطي فرصة أكبر للوضوح والشفافية، وقوة أكبر لصاحب القرار لتقديم خدمة راقية للمواطن، كما أن الشركاء في توفير الخدمة من القطاع الخاص لديهم معايير دقيقة لتحقيق الأهداف، حيث لا مكان للمجاملات، وكما نرى في مثل هذه المشروعات أن السعودية صارت مرجعا لمن يبحث عن خدمات مميزه للمرضى.

نهاية، أعتقد أن وجود هذه التجربة ونجاحها دليل على عمق فكر «قائد الرؤية» التي تمركزت على «خصخصة» الخدمات الحيوية، وتفرغ القنوات الحكومية للرقابة والتطوير بدلا من التشغيل، ونتمنى أن نرى دعما لتلك التجارب التي أثبتت أن القطاع الخاص إن اختُير «بعناية» فهو «الأعلى جودة» و«الأكثر» ديناميكية وإنتاجية.