سعدت الأسبوع الماضي بحضور الاحتفاء الكبير لإمارة منطقة مكة المكرمة، بمناسبة ذكرى اليوم العالمي للغة العربية، وذكرتني كلمات مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، الأمير خالد الفيصل، يومها بهم كبير، حمله سموه قبل سنوات، عن اللغة العربية، وجدده في احتفاء الإمارة صباح الأحد الماضي، عندما قال قبل أكثر من ست سنوات بمناسبة إطلاق مؤسسة الفكر العربي، في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، بمناسبة مشروع إعلان «لننهض بلغتنا»: «لكل من يتهاون بموضوع لغتنا هويتنا أقول لهم: اتقوا الله تعالى في لغتكم»، و«اللغة العربية هي لغة الضاد، ولغة القرآن الكريم، التي يجب أن يحافظ عليها كل عربي، وكل مسلم»، مضيفا أنه «إذا كنّا في الماضي نُحمّل الاستعمار ومشروعاته وزر إهمال هذه اللغة ومحاربتها، وكنا نتصدّى للأمر بكيفيات شتى، فإننا اليوم بصدد الخطر الأكبر على هذه اللغة في هذا الزمان، ألا وهي هيمنة الغرب على كل شيء عندنا».

لا شك أن المحافظة على اللغة العربية من الحفاظ على ديننا الإسلامي، وعلى تعاليمه وعلى مبادئه، وأنها الجسر الذي يربطنا بجذورنا وتاريخنا، وأنها الطريق الرئيس في رؤيتنا للمستقبل، وهذا الأمر يبدأ من مدارسنا، وفي صفوفنا، وداخل مناهجنا التعليمية التي تحتاج إلى تطوير طرائق وأساليب تدريسها وتعليمها، وهذه المسؤولية مسؤولية وطنية ومجتمعية، تشترك فيها الأسرة والمؤسسات والهيئات التعليمية بمراحلها ومستوياتها كافة، والمجتمع عموما مشارك في ذلك.

اللغة العربية لغة عصرية، ولغة غنية، ولغة حياة للإنسانية جمعاء، وهي أساس حضاراتنا، ومعيار وحدتنا كأمة عربية، وعلينا إن كنا جادين في هذا الأمر أن نرفع لواء المحافظة على اللغة العربية، وأن ندعم المبادرات الهادفة للحفاظ عليها، وأن نجعلها متطلبا أساسيا في المراحل الدراسية وفي الجامعات، وأن نقوم بتحديث أساليب تعليمها بما ينمي القدرات اللغوية لطلابنا وطالباتنا، ويشكل محورا ينهض بالحركة التعليمية عموما، وهو ما يعني ضرورة أهمية البحث عن وظائف اللغة الاتصالية، واختيار النصوص المناسبة، والقيام بربطها ربطا مباشرا بمهارات التفكير المختلفة، مع التركيز على تطوير أدوات ووسائل تعليم واستخدام اللغة العربية الفصيحة، في أوساط الأجيال الشابة، والاستفادة من التقنيات ووسائل التواصل الحديثة، بما يتناسب مع اهتماماتهم ومهاراتهم وميولهم، مع ضرورة أن يحظى موضوع إعداد وتدريب معلمي ومعلمات العربية بأولوية خاصة.

أختم بأنه ليس من العقل أو الحكمة رفض التشجيع على تعلم اللغات الأجنبية، وكلامي وغيري عن حماية اللغة العربية، من العبث بها، آمل ألا يفهم منه العصبية للعرق أو النسب، أو النيل من الآخرين، أو غير ذلك، إنما المقصود هو الوقوف ضد تشويه اللغة العربية، والسعي من أجل تعزيز مكانتها، والانتصار الموزون للأثر المشهور: «من تحدث العربية فهو عربي»، وقبل ذلك للحديث المختلف في درجته: «يا أيها الناس: إن الرب تعالى رب واحد، وإن الدين دين واحد، وليست العربية بأحدكم من أب ولا أم، فإنما هي اللسان، فمن تكلم العربية فهو عربي».