إلى عهد قريب، لم نكن نسمع في وطننا الحبيب المملكة العربية السعودية مصطلحات مثل هجوم إرهابي.. أو شهيد.. أوهجوم انتحاري.. كانت أخبارنا المحلية تمضي بهدوء قبل أن نسمع هذه العناوين في الأخبار العربية والعالمية في نشرة الأخبار الرئيسة على القناة السعودية الأولى.

ولم نكن نظن أيامها.. وإلى عهد قريب.. أن شيئاً من هذا سيحدث في وطننا، ولم نكن نتخيل أن مواطنا سعوديا يفجر نفسه منتحرا ومصيبا الأبرياء بالضرر.. أو نتصور أننا سنشهد تشييع جثمان جندي سعودي استشهد في معمعة الحرب.. أو وهو يؤدي عمله في وسط المدينة، لكنه حدث، وحدث بعده كثير من الأحداث المتسارعة التي لم يتمكن معها المواطن السعودي من إغماض عينيه لثوان حتى يجد على الساحة جديد، وعلى رأس هذه الأحداث المتسارعة السماح بقيادة المرأة والسينما وليس آخرها قانون التحرش والحفلات الغنائية والراليات.

وسيجد غيرها كثير، فالتغيير من سنن الله في الأرض، والسعودية جزء من هذا العالم، ولا يمكنها أن تبقى بمنأى عنه مدى الحياة، وعلى كاهل المواطن السعودي والمواطنة السعودية يقع مستقبل الوطن، وكيفية التعامل مع هذه التغيير بما يثبت جدارة وكفاءة كل منهما، فمقاومة التغيير أصبحت من أدوات الماضي الذي إن تشبثنا به بصفتنا آباء ومعلمين ومربين، فإننا سنبقى وحدنا وسيتخلى عنا حتى أبناؤنا الذين سيسارعون للحاق بركب المقدمة.

وسيكون مثلنا في ذلك كمثل رجل ذهب بأطفاله في نزهة على الشاطئ، وطلب منهم الجلوس بجانبه خوفا عليهم من الغرق، فيما كانوا يشاهدون أقرانهم يستمتعون بالسباحة أمام أعينهم، فإن النزهة عند ذلك لا تعني لهم شيئاً، لأن الاستمتاع بالسباحة سيصبح الهدف الماثل أمامهم، مهما حاول الأب إحضار البدائل لهم مثل مسبح بلاستيكي صغير، أو مقطع يوتيوب يعرض عليهم أطفالا يسبحون.

سيظلون في حالة رغبة دائمة لخوض تجربة السباحة وسيفعلون ذلك شاء أم أبى، في حضوره أو غيابه، وسيعرضون أنفسهم للخطر، ما لم يبادر هو بتعليمهم أصول السباحة، ثم يتركهم بعد ذلك يسبحون كما يشاؤون سواء أكان ذلك في المسبح البلاستيكي أو النهر الهادئ، أو البحر الواسع أو المحيط الهائج، لأنهم سيعرفون حينها كيف يتعاملون مع كل نوع على حدة، حتى لو كان ذلك عن طريق التجريب بالخطأ والصواب.

وهكذا هو الحل الأمثل للتعامل مع المستجدات التي سوف تتوالى تباعا.

حيث يجب على المواطن السعودي أن يضع في اعتباره مصلحة نفسه ومصلحة وطنه وهو يتعامل مع هذه التغييرات، وما دمنا لا نستطيع البقاء على الشاطئ متفرجين، فعلينا أن نبادر بارتداء عدة السباحة واقتحام التجربة.

الوطن اليوم أحوج من أي وقت مضى لأبنائه، والتراجع للخلف لن يخلف سوى الضرر بالفرد والمجتمع، فالأوطان كالأفراد، يجب أن تكتشف مواطن القوة فيها ونستفيد منها، ولا نكتفي بالتنظير، أو ترهيب الناس من المجهول.

فالمؤمن لا يخشى المجهول، لأنه يملك سراجه الداخلي الذي يضيء له الظلمات، ويسمح له بالسير في البحار اللجية.

أيها السعوديون المخلصون:

لا يقولن أحدكم سآوي إلى جبل يعصمني من التغييرات، لأنك ستسمح لغيرك في هذه الحالة بأن يركب السفينة، بل ساهم في بناء السعودية الجديدة، ولير منك الوطن ما يعجبه ويقر عينه ويبهجه، هو يستحق ذلك منك.

أنت تملك مشعل الإيمان، ومصباح العقل، وحباك الله بوطن جميل يحلم به عشرات الملايين غيرك.

لذلك ضع بصمتك.

وعلى طريقة تولستوي...سيروا ما دام النور معكم.