أخبرنا ربنا -سبحانه وتعالى- بأن الكفار مستمرون في بذل الجهود في صرف المسلم عن عقيدته الصحيحة، كما قال تعالى (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا)، فهدفهم ترك المسلم دين الإسلام، والتنكر له، ومحاربته، ثم لا يهمهم بعد ذلك أن يكون يهوديا أو نصرانيا أو ملحدا، لعلمهم أن العقيدة الصحيحة أمان من جميع الانحرافات، وأن المتمسكين بدين الإسلام، وما يأمر به، هم الأعلون في الدنيا والآخرة، لعلمهم بقوله تعالى عن أهل الإيمان (وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)، ولهذا فهم يحرصون على صرف المؤمن عن إيمانه، وقد نبأنا الله عنهم فقال (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء)، ولهم في تحقيق ذلك مسالك منها:

-1 إظهار أن تخلف المسلمين في الصناعات والتقنية ونحوهما ناشئ عن دينهم، وبالتالي لكي ينهض المسلمون لا بد من دين معتدل هم يضعون مواصفاته، كما نشروا ذلك في بعض منظماتهم، ومن تلك العلامات التي ذكروا أنها علامات للمسلم المعتدل في نظرهم ما يلي:

أ- أنه يرى عدم تطبيق الشريعة الإسلامية.

ب- أنه يؤمن بحرية المرأة في اختيار «الرفيق»، وليس الزوج.

ج- أنه يدعم التيارات الليبرالية.

 ومعلوم أنه لا يهمهم نهضة المسلمين، وإنما هي وسائل شيطانية لتحقيق أهدافهم.

-2 ومن وسائلهم كذلك: استخدام وسائل التواصل للدعوة إلى التمرد على الوالدين والأسرة والمجتمع والدولة، وإشعارهم أنهم مظلومون، وأن حريتهم مقيدة، وبالتالي يقولون لضحاياهم من الشباب والشابات، كما قال الكفار من قبل لكعب بن مالك (الْحَقْ بنا نواسك)، أي أن محمدا -صلى الله عليه وسلم- ومجتمع الصحابة ظلموك، ونحن أرحم بك منهم، فالْحَق بنا نواسك، ومعلوم أن كعب بن مالك طردهم شر طردة، وأحرق كتابهم، لكن المقصود أن الكفار يستخدمون نفس الأسلوب، وليس قصدهم حقوق الإنسان، وإلا فكثير من الناس في بلادهم يعيشون في الشوارع في حالة بئيسة، لم يلتفتوا إليهم.

ومن اختار منهم الإسلام يتعرض للتضييق، وعدم الحماية، فأين منظماتهم التي تدعي مراعاة حقوق الإنسان؟ لا ريب أن شعار حماية الحريات كذب وافتراء، والحقيقة إنما هي عداوة للإسلام، ورغبة في تركه، وقد صدق الله في وصف هدفهم الحقيقي، كما في قوله تعالى (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء)، وإلا فهم أعداء الحقوق، يسعون لتفكيك الأسر المسلمة، ويمردون الصغار على والديهم، فيصيبون أسرهم ووالديهم بالعذاب والقلق، ويهيجونهم على ولاتهم ودولهم، وإذا سلخوهم من دينهم وهويتهم وكرامتهم، رموهم في الملاجئ والشوارع.

-3 استخدام بعض المسلمين ممن قلّ عقله، وكثر سفهه، وجهل حقيقة دينه، في الكتابة في وسائل التواصل أو الصحف أو غيرها، للتهوين من تطبيق الشريعة الإسلامية، وأن الأحكام الشرعية ليست صالحة لكل زمان ومكان، فيقدمون عقولهم وأهواءهم على أحكام الله ورسوله، كقول بعضهم بعدم مناسبة قوله تعالى (للذكر مثل حظ الانثيين)، وأن الذي ينبغي الآن المساواة في الميراث مراعاة للمتغيرات الاجتماعية.

إن التهوين من أحكام الشريعة، ومن دستور بلادنا، وهويتنا العربية والإسلامية، هي من أعظم الأسس التي تقوم عليها الفتن، ويُخدم به العدو، ويحصل بسببها التمرد الأسري، والمجتمعي، إلى دول كافرة توظفهم لأغراض سياسية، وأنا هنا لا أقصد شخصا معينا أو أشخاصا، وإنما أعالج موضوعا أراه في غاية الأهمية والخطورة، وأراه أحد مهددات الأمن الوطني. فعلى المسلم أن يتق الله ولا يكون ظهيرا للمجرمين، ولا أداة لأعداء الملة والدين، وعلى حملة الأقلام ومسؤولي القنوات والصحف أن يتقوا الله، وكما أنهم -مشكورين- لا يسمحون في نشر فكر الغلو والخوارج، فعليهم أيضا ألا يسمحوا في نشر فكر الانحلال والاعتراض على الشريعة، ففي كلٍّ شر، فدعاة الغلو والانحلال كلاهما دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم قذفوه فيها.