في معرض القاهرة الدولي جاءت مشاركة المملكة العربية السعودية فاعلة ومتميزة بحضور عدد من دور النشر السعودية وجامعات المملكة، ولفت انتباهي هذا الزخم الجاد للمثقف السعودي الذي أبدع بمشاركته عبر الكتاب والندوات العلمية.

وكانت المملكة هي البلد الذي لم يتردد يوما من الأيام في السير بركب الثقافة ودعمها عبر وسائل المشاركات المختلفة بالكلمة والندوة والمحاضرة والحوارات المتنوعة التي أسهمت فيها إبداعات المؤلف السعودي والمثقف، وبمساعدة السفارة السعودية وتذليل كل العقبات أمام دور النشر، فالكتاب يظَل واحة معرفة مفتوحة أمام الثقافات وتلاقحها ونقل المعارف بين الشعوب، في وقت حدث فيه جدل بين المثقفين وهل ما زال دور الكتاب نافذا ومؤثرا في حياة الشعوب؟ أم أن وسائل الإعلام إذاعة وتلفازا ومسرحا نقلت العالم إلى مساحات جديدة جاء في محصلتها أن الوسائل الجديدة هي وعاء لنقل الكتاب، لكنها لا تغني عنه بتاتا.

ومن هنا جاز لنا أن نؤكد معلومة لا يمكن الاستغناء عن الكتاب الذي نشهد تظاهرته في معارض الكتب كالرياض والقاهرة والشارقة وبيروت وجدة، ومعارض الجامعات كلها تصب في ذات الهدف، وهو إحياء دور ثقافة الكتاب في المجتمع الإنساني وضرورة المحافظة عليه، وهو ما جعلني أنقل نجاحات الكتاب السعودي في أنحاء العالم، وهذه الأيام في معرض القاهرة، إذ يشهد حضورا مكثفا من الزائرين وتابعه المختصون والمعنيون في دور النشر العربية والعالمية، بل شاركوا في بناء جسور الثقافة مع القراء وإشباع إلهامهم وحقق لهم كل ما يدور في فلك ثقافة المجتمع عبر كافة التخصصات.

وتحظى المعارض العالمية والدولية للكُتب برعاية أعلى الهرم في الدول كما تمثله حب المجتمع من اهتمام وعناية لدعم المؤلفين كما حدث في معرض القاهرة، إذ تم برعاية الرئيس السيسي إيمانا منه أن الكتاب والمثقفين يشكلون حيزا من عناية الدولة، وكذا الحال في السعودية ولبنان والمغرب، وستظل هذه اللفتات والرعاية ما دام للكتاب قيمة في أذهان المجتمع.

وقد لفت نظري أن هذه المعارض تقيم برامج ثقافية وندوات ومحاضرات يشهدها الزائرون وتكون حلقة نقاش بين المنظمين والجامعات ودور النشر ومن يتم اختيارهم لإحياء أمسيات ثقافية وعلمية كما حدث في القاهرة، حيث أقامت جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ندوة مهمة ذات بُعد أمني وطني كان عنوانها «الإرهاب السيبراني ومستقبله وآليات مكافحته» رصدت البعد المهم لمكافحة الإرهاب بأساليب علمية حديثة، وبحثت المهددات الأمنية والمستقبلية والتعريف بأنواع الإرهاب السيبراني وكيفية مواجهته وغيرها من الندوات الثقافية التي حرص معرض القاهرة على إقامتها في شتى الاتجاهات، فحق لسوق معارض الكتب هذا التباري في إخراج المعارض بالطريقة التي أهلتها لهذه المكانة السامية من احترام الذوق والنخب في شتى أرجاء الوطن العربي.

وبالتأكيد في عالم اليوم الذي أصبح الكتاب، وإن كان ورقيا، إلا أنه طار في الآفاق عبر الشبكة العنكبوتية حتى سهل على الباحثين ومقتني الكتب سهولة الحصول عليه وأنت في راحة تامة، وأصبحنا أمام خيارات البحث عن الكتب ومؤلفيها في نعمة كبيرة لم تكن قد تحققت لأجيال سبقتنا، ولهذا نفاخر بالتقنية ونفاخر بالتواجد لسهولة الحصول على الكتب في الآفاق وبشتى الطرق التي ذكرنا في ثنايا المقال، ولعل تنوع العواصم التي عرفت بالمعارض أعطتها سمة التجدد والمنافسة ودخولها سوق الاستثمار لنشر الكتاب العربي وغيره، وهو ما نحمد الله عليه في عصر العولمة الرقمية والتواصل الإلكتروني كتابا وصحافة، ولي رجاء أن تخرج هذه المعارض بأفكار جديدة عندما يلتقي مختصو التعليم والثقافة في الوطن العربي في جدولة المعارض على مدار العام، لتضيف إلى المجتمع ثقافة السياحة والتجول بين هذه المعارض أيا كانت، وأنا على يقين أنه سيضيف للسياحة والدخل المحلي لكل دولنا إضافة كانت غائبة عن الأذهان نرجو ذلك في القريب العاجل.