سواء كنت تحبه أم لا، مالكولم جلادويل رائع في إيصال أفكاره، ويمكن الاستفادة منه في الترويج لأفكارنا.

سواء كنت تتفق مع استنتاجات مالكولم جلادويل أم لا، فإن ما يقوم به في إيصال أفكاره إلى العالم أمر رائع بلا أدنى شك. لقد بيع من كتاب مالكولم الأول نقطة التحول أكثر من 3 ملايين نسخة، وظل الكتاب في قائمة الكتب الأكثر مبيعا في موقع نيويورك تايمز أكثر من 423 أسبوعا، أي لمدة 8 سنوات. كذلك بيع من كل من كتابيه التاليين أكثر من مليون نسخة، وكان لهما كذلك تأثير كبير على علم ممارسة الإدارة.

لكن بعيدا عن التعلم من محتوى كتابات جلادويل، ماذا يمكننا أن نتعلم من نجاحه في تسويق أفكاره؟ كيف يمكننا أن نصبح قاصّي حكايات أفضل؟ لدى جلادويل مهارة في تحويل الأفكار العلمية المعقدة (والغامضة في معظم الأوقات) إلى قطع صغيرة لذيذة من المعلومات السهلة الهضم. قراؤه لا يجلسون ويستمعون، بل هم يُلهَمون للتحرك واتخاذ أفعال. لتغيير سلوكهم. لتغيير شكل مؤسساتهم. لإخبار الآخرين بما تعلموه.

ما الذي يفعله مالكولم جلادويل إذاً حتى يكون أسلوبه فعالا جدا بهذا الشكل؟



1. أبقِ كل شيء بسيطا جدا

نحن نميل عادة للوقوع في استخدام لغة اصطلاحية عند مشاركة أفكارنا، وللتحدث بطرق لا يفهمها إلا من هم من داخل المجال الذي نتحدث فيه. نحن نعرف كثيرا عن الفكرة التي نتحدث عنها بحيث نعتقد أن الآخرين يعرفون عنها كثيرا أيضا، لهذا نقع في كل ذلك التنميق والتعقيد، دون أن ندرك أننا نفقد جمهورنا لاستخدامنا هذه الطريقة. هذا ما يعرف باسم لعنة المعرفة.  أما جلادويل فيوفر علينا عناء الدخول في تفاصيل غير ضرورية، فيبقي كل شيء بسيطا. هو يعلم أن معظم قرائه ليسوا خبراء في علم النفس المعرفي، أو في العلم الاجتماعي للشبكات، أو علم عسر القراء. لهذا فهو يتجنب التفاصيل الثانوية الدقيقة، وتراه يستخلص من المفاهيم المعقدة التفاصيل الأساسية ويشاركها هي وحدها مع القارئ. أي بكلمات أخرى، لا يشارك الغابة كلها، بل أهم الأشجار فيها.

لو أن جمهورك سيتذكر شيئا واحدا، ماذا تريده أن يكون؟ كيف يمكنك نزع التفاصيل غير الضرورية والمحافظة على البساطة؟

 

2. القصص دائما تتفوق على المعلومات

المعلومات رائعة، والحقائق يمكنها أن تكون مفيدة جدا، ومثقِفة، وتساعدنا في اتخاذ قرارات أفضل، لكن يمكنها أيضا أن ترهقنا، وتضجرنا، وتكون صعبة التذكر.

لذا، بدل الاكتفاء بتقديم المعلومات، يخبر جلادويل حكايات. حكايات عن محبي الجاز في إيست فالي أو فتيات فريق كرة السلة اللوائي بدون للجميع كمن سيتعرضن لهزيمة كبيرة. هذه الحكايات تفاجئ الجمهور وتجعله يتفاعل وتجعل المستمع يحاكي ما يحدث.  لكن عندما تُصمم القصة بتأنٍّ، يمكنها أيضا أن تخدم غرضا كبيرا آخر. فهي تشرح النقطة الأساسية في الجدال بشكل لا يمكن للمعلومات وحدها أن تفعله. هي مثل الحوامل أو النواقل.  والقصص الأكثر فعالية تعمل كحصان طروادة. هناك بالتأكيد حكاية تجذب، لكن المعلومات تشارك في توصيل الفكرة من بعيد دون مشاركة حقيقية. هي إثبات (قوي) باستخدام الأمثلة. ما حصان طروادة في قصتك؟ ما الحكاية الساحرة التي ستوصل رسالتك إلى الداخل؟

 

3. استثر قارئك لتجذب انتباهه

تتألف معظم المسرحيات من ثلاثة مشاهد. الفصل الأول يقدم الأمور، الفصل الثاني يطورها، والفصل الثالث يحلها. كذلك تتبع الأفلام نفس النمط، ولو بشكل غير صريح هكذا. لا شك أن كل شيء يمكن حله بسرعة لو أردنا، لكن مشهدا أول جيدا يهيئ المسرح بشكل يجذبنا. تماما كما الأمر في الأحجية الجيدة.

عادة ما تتخذ أحاديث جلادويل (وكتبه) نفس التركيب. هو يبدأ عادة بسؤال بشكل قصة، لكنه لا يحل القصة فورا. فتراه يطلق قصة ثانية بل وحتى ثالثة قبل أن يختم القصة الأولى. لكن القراء والمستمعين يبقون مندمجين طول الوقت، لأنهم يريدون أن يعرفوا كيف انتهت القصة الأولى. بفتح ما يسميه الباحثون «فجوة في الفضول، أو فجوة في معارف القارئ»، فإن جلادويل يشجعهم على الانتباه إلى أن تتم القصة.

كيف يمكنك فتح فجوة في فضول قرائك؟ وكيف تشير إلى ثغرة في معارف القراء تجعلهم يرغبون بسماع المزيد؟

سواء كنت توافق مع ما يقوله مالكولم أو لا توفق، فهو يبقى قاصا رائعا، بل من أفضل الكتاب، وهو أيضا مروج رائع للأفكار، وأستاذ في تسويق الأفكار التي تجعلنا نندفع لاتخاذ فعل ما بشأنها. لذا سواء كنتم تبيعون منتجا، فكرة، أو تروجون لأنفسكم، يمكنكم الاستفادة من أن تصبحوا قاصين رائعين.

 


جوناه بيرغر

* بروفيسور في جامعة وارتون

صاحب الكتاب الأكثر مبيعا «العدوى Contagious»

* موقع لنكدإن