نشرت على صحفتي في تويتر ملخصا للإدارة الإستراتيجية وأحدث الأصدقاء معه تفاعلاً جيداً إما نقاشاً أو تفضيلاً أو إعادة نشر، هذا التفاعل أعطاني المؤشر لأن أتوسع في هذا الأمر، وذلك عبر تناول عمليات الإدارة الإستراتيجية، ليستطيع غير المتخصصين قراءة واستيعاب أي عمليات إستراتيجية في أي منظمة كانت.

وسأتناول اليوم بشكل مختصر مرحلة واحدة من مراحل الإدارة الإستراتيجية الأربع. وخلافاً للدليل الذي وضعته كتغريدة مثبتة في حسابي (ويمكنك الرجوع إليه) والذي جمعته من عدد من المراجع والمناهج، فإنني هنا أقدم ما يمكن القول أنه خلاصة من كتاب (الإدارة الإستراتيجية، منظور شامل ومتكامل) لمؤلفيه: الدكتور طاهر الغالبي، والأستاذ وائل إدريس.

المرحلة الأولى: مرحلة تقييم وتحليل الموقف البيئي (الخارجي والداخلي).

يوضح الباحثان في البداية الفرق ما بين مفهوم البيئة والتحليل البيئي وما بين مفهوم التحليل الإستراتيجي للبيئة. حيث يشير الأول إلى مجموعة العوامل والأبعاد التي تؤثر في الممارسات الإدارية للمنظمة، مما يتطلب من الإدارة فهم طبيعة هذه الممارسات وتفاعلاتها، ومن ثم إيجاد أفضل صيغ التعامل معها. بينما يشير الثاني إلى مجموعة الوسائل التي تستخدمها الإدارة في تحديد التغييرات في البيئة الخارجية، ومن ثم تحديد الميزة التنافسية للمنظمة، بحيث تسهم في زيادة قدرة الإدارة العليا على تحديد أهدافها ومركزها الإستراتيجي. وبشكل مبسّط فإن التحليل الإستراتيجي يقوم على مدى كفاءة المنظمة على فهم مركزها التنافسي في بيئتها المحيطة من خلال معرفة التغيرات الحاصلة، ومن ثم الاستغلال الأمثل للموارد والإمكانات المادية والبشرية في تطوير هذا المركز والمحافظة عليه.

والتحليل الإستراتيجي للبيئة الخارجية للمنظمة يقوم على مفهومين (خارجي عام/‏‏ خارجي خاص). يرتكز تحليل البيئة الخارجية العامة على ستة أبعاد: بُعد اقتصادي مثل معدل النمو ومتوسط الدخل وووالخ، وبُعد اجتماعي مثل معدلات الوفاة وأنماط الحياة الاجتماعية، وبُعد سياسي وقانوني مثل النظام السياسي وقوانين حماية الحريات والجمارك، وبُعد ثقافي مثل أنظمة التعليم والسلوكيات والقابلية للتغيير والتطوير، وبُعد تكنولوجي مثل نقل التكنولوجيا والإنفاق على البحث والتطوير، وأخيراً بُعد معلوماتي ومعرفي مثل توفر القيادات الإستراتيجية وتوفر الموارد المعرفية والمعلوماتية.

أما تحليل البيئة الخارجية الخاصة. فيرتكز على التالي: أولاً: تقييم وتحليل العملاء من حيث تجزئتهم ومن خلال سلوكياتهم ومدى احتياجاتهم غير المشبعة. ثانياً: تحليل المورد البشري من خلال مدى استقطاب الكفاءات المتميزة ومدى القدرة على الاحتفاظ بهم. ثالثاً: تحليل تجهيزات الموردين، وذلك عن طريق معرفة مدى قدرة المنظمة على الحصول على مواردها اللازمة بنوعيات جيدة وأسعار معقولة. رابعاً: تحليل المركز التنافسي من خلال الحصة السوقية والمزايا السعرية والمركز المالي وجودة المنتجات وووالخ.

ولتحليل البيئة الخارجية عدد من الأساليب والتقنيات منها: أولاً: المسح البيئي من خلال رصد الأحداث ومعرفة اتجاهات تطوراتها اللاحقة. ثانياً: التنبؤ البيئي، وذلك باستخدام النماذج الكمية المعروفة في الاقتصاد الرياضي مثل تحليل الانحدار وأساليب بحوث العمليات. ثالثاً: الرقابة البيئية، وهي تكون عن طريق التجربة الطويلة للمنظمة ولمديريها، بحيث يمكنهم تطوير منهجياتهم الخاصة لرقابة الأحداث البيئية واتجاهات تطوراتها.

هذا ما يتعلق بالبيئة الخارجية بشقيها العام والخاص، أما ما يخص تحليل البيئة الداخلية من حيث الهياكل التنظيمية والثقافة الداخلية وموارد المنظمة وقيادتها الإستراتيجية، إضافة إلى مداخل تحليلها، ومن ثم عمليات ربط التحليل البيئي بنوعيه بتحليل swot، فإنني سأتناولها في المقال القادم  .