فيما قدرت إحصائيات أن نسبة المياه الرمادية الناتجة من مياه المغاسل، مياه الشاور والمغطس، والمياه الناتجة عن غسيل الملابس في الغسالات الأوتوماتيكية بحوالي 65 % من مجمل المياه المستخدمة في المنازل، أي أكثر من نصف المياه التي نتخلص منها خلال نظام الصرف الصحي في المنازل، طالب مختصون وناشطون بيئيون باستغلال هذه المياه لمواجهة التحديات الناتجة عن الاستخدام غير المستدام لموارد المياه، مشيرين إلى 4 معايير لاستخدام المياه الرمادية تتمثل في السلامة الصحية، والجمال، والتسامح البيئي، والجدوى الاقتصادية.

 


تحديات كبيرة


يقول المدير الإقليمي للمجلس الأميركي للأبنية الخضراء والناشط البيئي الدكتور محمد بن سعيد الصرف لـ«الوطن»: «على الرغم من أهمية المياه، إلا أن المملكة تواجه تحديات كبيرة نظراً للاستخدام غير المستدام لموارد المياه، فضلاً عن محدودية مخزون المياه الجوفية غير المتجددة، التي تشهد استنزافاً متسارعاً، وفي ظل الظروف المناخية القاحلة، تعد المياه المتجددة نادرة، علماً بأن الطلب المرتفع على المياه في القطاع الزراعي يفاقم من مشكلة ندرة المياه في المملكة. وأضاف أن «متطلبات المياه في المملكة التي قدرت عام 2015 بحوالي 24.8 مليار متر مكعب تشهد زيادة سنوية ثابتة بنسبة 7 %، ويمثل قطاع الزراعة فيها المستهلك الأكبر للمياه في المملكة، بنسبة 84 % من إجمالي الطلب على المياه، ورغم ندرة المياه، لا يتم استغلال المياه المعالجة بصورة كافية نظراً لمحدودية البنية التحتية والتحديات المتعلقة بتغيير التفكير السائد، ومحدودية الإشراف التشريعي وحوافز التسعير، ويتيح استهلاك المياه في القطاع الحضري لكل فرد العديد من فرص التحسين، الأمر الذي يمكن تحقيقه من خلال تقليل الفاقد من المياه والذي يقدر بما يزيد عن 25% في مناطق مختلفة، وفي المباني. وذلك من خلال تحديد مؤشرات أسعار وحوافز للمحافظة على المياه».

 


مياه متوسطة


أوضح الصرف أن «المياه الرمادية استمدت هذا الاسم من كونها مياهاً متوسطة بين المياه النقية الصافية والتي يطلق عليها اصطلاحا بالمياه البيضاء، وبين مياه الصرف الصحي الملوثة والتي يطلق عليها أيضا اصطلاحا بالمياه السوداء، وتنتج المياه الرمادية من مياه المغاسل، ومياه الشاور «المروش» والمغطس، والمياه الناتجة عن غسيل الملابس في الغسالات الأوتوماتيكية»، مشيرا إلى أن المياه الرمادية تمتاز بأنها مياه شبه نقية، لأنها مياه نظيفة في الأصل اختلطت بفعل الغسيل مع بعض الزيوت والصابون والملوثات البسيطة فقط.


 


4 معايير


أبان المدير الإقليمي للمجلس الأميركي للأبنية الخضراء أن «إعادة استخدام وإعادة تدوير المياه الرمادية في الوقت الحاضر تلقى الكثير من الاهتمام لأن لديها مستويات منخفضة من مسببات الأمراض الملوثة والنيتروجين». وكشف أنه «لإعادة استخدام المياه الرمادية المستصلحة، يجب تنفيذ 4 معايير هي السلامة الصحية، الجمال، التسامح البيئي، والجدوى الاقتصادية، ورغم الاعتراف بفوائد إعادة استخدام المياه الرمادية إلا أنه لم يتم إعادة استخدامها بشكل صحيح بسبب عدم وجود معايير أو إرشادات ملائمة لجودة المياه»، مشيرا إلى أن إعادة استخدام المياه الرمادية في التطبيقات المتنوعة تتطلب مواصفات مختلفة لجودة المياه والتي تتطلب بدورها أساليب معالجة مختلفة تتراوح من العمليات البسيطة إلى العمليات المتقدمة. وأكد أنه «لسوء الحظ، تم وضع عدد قليل جدًا من الإرشادات لإعادة الاستخدام بشكل خاص لإعادة تدوير المياه الرمادية، حيث تركز اللوائح والمبادئ التوجيهية لإعادة استخدام المياه الرمادية بشكل رئيسي على التأثيرات الصحية والبيئية، وغالبا ما يتم إنشاؤها من قبل السلطات المحلية»، مؤكدا أن إعادة استخدام المياه حل قابلاً للحياة على المدى الطويل للتحديات التي تطرحها الطلبات المتزايدة البلدية والصناعية والزراعية على المياه.


 


مصادر وحلول


 أكد رئيس مجلس إدارة جمعية آفاق خضراء البيئية والأستاذ في جامعة القصيم الدكتور عبدالرحمن الصقير لـ«الوطن» أن «شح المياه أصبح أحد أهم التحديات التي تواجه العديد من أقطار العالم حاليا، ومن المتوقع أن تزيد حدة الصراعات على موارد المياه خلال الأعوام القادمة، لذا يجري البحث عن حلول ومصادر جديدة تلبي حاجة الأعداد المتزايدة من السكان، خصوصا في الدول التي تفتقر لمصادر مياه طبيعية كالمملكة». وأضاف أن «من تلك الحلول إعادة استخدام المياه بشكل عام والمياه الرمادية خصوصا، حيث تنتج في البيوت والمساجد والمدارس والمستشفيات والمطارات والأسواق وأماكن العمل كميات هائلة من المياه الرمادية المهدرة، ويقدر المردود الاقتصادي من إعادة تدوير مياه الوضوء في المساجد فقط بما يزيد عن 400 مليون ريال سنويا». وأشار الصقير إلى العديد من أوجه استخدام المياه الرمادية، فعلى سبيل المثال يمكن توفير كمية كبيرة من المياه المستخدمة في دورات المياه عن طريق تحويل المياه الرمادية إلى صناديق الطرد «السيفونات» التي تهدر ما يوازي 70 % من استهلاك الفرد من المياه. كما يمكن الاستفادة من المياه الرمادية في تشجير المساجد والمدارس والمجمعات التجارية ومحطات الوقود والمصانع والمباني الحكومية والخاصة والشوارع الفرعية، وهذا من شأنه أن يحقق فوائد بيئية وجمالية وصحية واقتصادية ويعظم الاستفادة من المياه.

 


 


إحصائيات:


 240 مليون متر مكعب كمية المياه المعاد استخدامها في 2012

 19 % من كمية مياه الصرف الصحي المعاد استخدامها

 800 ألف متر مكعب في منطقة الرياض: 160 ألف كتر مكعب المعاد استخدامها: 20 %

 780 ألف متر مكعب في منطقة مكة المكرمة: 150 ألف متر مكعب المعاد استخدامها: 19 %

 220 ألف متر مكعب في المدينة المنورة: 20 ألف متر مكعب المعاد استخدامها: 9 %

 950 ألف متر مكعب في المنطقة الشرقية: 150 ألف متر مكعب المعاد استخدامها: 15 %


المعايير الـ4


 السلامة الصحية


 الجمال


التسامح البيئي

الجدوى الاقتصادية

 


مؤشرات وأرقام لكمية مياه الصرف الصحي والتي تشمل المياه الرمادية والسوداء:


2012 1.250 مليار


2017 1.753 مليار


2018 : 1.875 مليار متوفع


7 % نسبة الزيادة السنوية

من عام 2012م