تعد العربية رابع لغة عالمية، بعد الإنجليزية والصينية والهندية انتشارا في العالم، يتحدثها أكثر من 467 مليون نسمة، وتتميز بقوتها وغزارة مفرداتها وفصاحة منطقها، ورغم انتشار اللغة العربية وتاريخها الكبير إلا أنها في طريق صعب وشائك، بعد انتشار اللهجات المحلية وعزوف أبنائها عن التعلم بها.

والجدير بالذكر أن معظم دول العالم المتقدم تدرس العلوم والطب بلغتها الأم مثل (الصين- اليابان- ألمانيا- فرنسا- إسبانيا- روسيا)،  وبالمقابل نجد معظم الدول العربية (باستثناء سورية) تستخدم اللغة الإنجليزية شرقا، وتستخدم اللغة الفرنسية في دول المغرب العربي، بالرغم من أن أنظمة التعليم العالي في جميع الدول العربية تنص على أن العربية هي اللغة الرسمية، الواجب استخدامها في التعليم، في ظاهرة تدعو للتأمل والتفكير.

يحتج الداعون إلى استخدام لغة (الأعاجم) في تدريس العلوم، بتفوقهم الحضاري والمنهجي، وسهولة التواصل معهم لأنهم مصدر العلوم والإبداع العلمي بالقرون اللاحقة، وأن (التقوقع) داخل محيط لغوي محلي، لهو حاجز ضد التطور والانتفاع بالعلوم الأخرى، وعدم قدرة اللغة العربية على مجاراة التطور الإنساني والعلمي السريع.

ويرد الطرف الآخر، أن تقدم الشعوب لا يأتي إلا بتمكين تدريس العلوم بنفس اللغة، لسهولة الفهم والإبداع والتمكين، وأن التواصل مع المجتمعات الأخرى، والتقدم بالعلوم يأتي بدعم (الترجمة)، كما تفعل جميع دول العالم التي تدرس العلوم والطب بلغتها.

ولو نظرنا للأمر بصورة دقيقة، وبالتحديد تدريس الطب باللغة العربية، لوجدنا أن نسبة المصطلحات الطبية لا تتجاوز في معظم المراجع الإنجليزية نسبة 3.3%من مجموع الكلمات الواردة في كل مرجع، في حين أن 96.7%من الكلمات عبارة عن مفردات من الكلام العادي، غير المتخصص الذي يمكن استبداله بسهولة للغة العربية. وقد يكون تدريس العلوم والطب بلغتنا الأم هو الحل لتمكين الأذكياء والمبتكرين من التعبير عن أنفسهم وإبداعهم، وتفاعلهم مع بيئتهم المحيطة وتوحيد لغة الثقافة والعلم.

وقبل أن نذهب في قرار مصيري كتدريس العلوم الطبيعية والطب، بلغتنا الأم، علينا الاستعداد بوضع إستراتيجية منهجية تقوم على الآتي: 1- تحديث المعاجم العربية. 2- التدرج بتدريس العلوم الطبيعية 3- إنشاء مراكز وطنية للترجمة وطباعة الكتب وتوزيعها.