بعد ثلاثة وعشرين عامًا على تطبيق قانون السلاح وبرنامج إعادة شراء الأسلحة، شهدت أستراليا تراجعًا متسارعًا في معدلات الوفيات الناجمة عن حوادث إطلاق النار المتعمدة، وانعدامًا لحوادث إطلاق النار الجماعي المميتة. انعدمت عمليات إطلاق النار الجماعي خلال العقدين المنصرمين من الزمن مقارنةً بـ13 عملية إطلاق نار جماعي خلال السنوات الـ18 التي سبقت الإصلاح الشامل لقانون السلاح، على حد قول القائم على الدراسة البروفسور سيمون تشابمان (Simon Chapman). والمتعارف عليه أن القانون وسيلة من وسائل الضبط الاجتماعي، وهو وسيلة أساسية يُعتمَد عليها في المُجتمع لِتنظيم سلوك أفراده، وقد ورد عن الباحِث رسكو باوند أنَّ القانون، هو علم الهندسة الاجتماعية الذي يتم عن طريقه تنظيم علاقات الأفراد الإنسانية في المُجتمعات المنظمة، أو هو أسلوب الضَّبط الاجتماعي من خلال استخدام قوة المُجتمع المُنظَّم سياسيَّاً، كما أنَّ لِلقانون دورا أساسيا في الحِفاظ على التحام أفراد المُجتمع وتماسكهم واستقرارهم؛ وذلك من خلال تحقيق العدالة، وتوفير الحرِّية والأمن بالتزام الأفراد بالقواعد والأوامر التي تصدر من السلطة العليا. في الأسبوع الماضي تم تداول فيديو لشاب سعودي تحرش بامرأة في أحد مطاعم الرياض بشكل هستيري، يبين أن الشخص إما أن يكون مريضا نفسيا (وهذا الأمر مستبعد)، أو أنه غير مبال، ومن أمن العقوبة أساء الأدب. نعم نحن مجتمع مسلم، ولدينا تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وأخلاقه الرفيعة، ولكن لكل قاعدة شواذ، وهناك الكثير من أشباه صاحب الفيديو الذين يشكل وجودهم خطرا على المجتمع والدين الذي يمثلونه، ومتى ما كانت العقوبات لهذه التصرفات قاسية بحجم التصرف الأحمق الذي ارتكبه ذلك المتحرش، وتأثيره في الشخص الآخر، ندرت معه حالات التحرش وأشكاله. والعقوبة حتى تصل إلى جدواها تكون على جزأين، الأول الحق العام، وهذا يكون بالتشهير بهذا المتحرش عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي الدوائر الاجتماعية كافة، بالإضافة إلى سجن ما لا يقل عن 3 سنوات، والجزء الثاني حق خاص للمُتحرش به وهي غرامة مالية لا تقل عن 100 ألف، بحجم السلوك أو الطريقة التي ابتلي بها الآخر. ومع تأثير هذا القانون في سلوك أفراد المجتمع، سوف يصل بنا الحال إلى ندرة، وقد تصل إلى انعدام حالات التحرش، كما حدث مع تطبيق قانون السلاح في أستراليا. ضبط الممارسات بالوعظ والتدريس مجرد وهم، فلا يضبط سلوك أفراد المجتمع إلا القانون المدني وقانون العيب الاجتماعي.