أبها: حسن آل عامر
بين أول إطلالة لمعرض الرياض الدولي للكتاب على أرض المملكة عام 1397 هـ (1977م) "حينها كان في عهدة جامعة الملك سعود"، وإزاحة الستار عن دورته الحالية الثلاثاء المنصرم، 34 عاما، شهد خلالها المعرض الكثير من التحولات وربما الصراعات التي نقلتها تيارات مختلفة من ساحات الإعلام والمؤسسات الثقافية والتعليمية إلى أرض المعرض. حيث استمرت جامعة الملك سعودـ التي تحسب لها الكثير من الريادات الثقافية ـ في تنظيم المعرض حتى عام 1425هـ (2004 م) ، تخللتها انقطاعات كثيرة تسببت في عدم انتظام مواعيد المعرض، فعلى سبيل المثال نظمت الجامعة الدورة السابعة عام 1414 هـ (1994 م) ، ثم توقف المعرض لتعود الجامعة نفسها لتنظم الدورة الثامنة عام 1421 هـ( 2000 م)، ثم الدورة التاسعة عام 2002 وأخيرا الدورة العاشرة عام 2004.
وكان التحول الأكبر والأهم في مسيرة المعرض (الذي أصبح دوليا بشكل أدق من السابق) هو استلام وزارة التعليم العالي راية التنظيم عام 2006 بمعرض كان وما زال له صدى كبير سواء من جانب مرونة الرقابة بشكل أكبر من السابق وإقبال غير مسبوق على شراء كتب الكثير من المبدعين السعوديين، وهي الكتب التي لم يكن من السهل الحصول عليها، كذلك شهد المعرض تكريم عدد من الرموز الثقافية في المملكة، إضافة إلى الفعاليات المصاحبة، حيث لم يعد بيع الكتاب وتسويقه هو الركيزة الأساسية، بل تحول المعرض إلى تظاهرة ثقافية كبيرة، وذلك بفضل النشاط الثقافي والمثير للجدل الذي صاحب ذلك المعرض، حيث شهدت بعض الفعاليات المنبرية جدالات فكرية بين تيارين أحدهما يرى أن بعض الضيوف يحملون "أفكارا وطروحات مخالفة، كان ينبغي ألا يستضافوا" وتيار آخر يعتبر المعرض نقلة فكرية مهمة في مسيرة المملكة، مما أدى إلى أن يخرج مشاركون في أمسية قصصية من الباب الخلفي، بل إن الأمن طوق فعالية شارك فيها الدكتور عبدالله الغذامي بسبب تهديدات له ولآخرين حفلت بها بعض المواقع الإلكترونية.
وسرعان ما تولت وزارة الثقافة والإعلام ممثلة في الوكالة الجديدة حينها "الشؤون الثقافية" منذ عام 2007 وحتى الآن، حيث سارع مسؤولو الوزارة إلى محاولة إطفاء "حرائق دورة 2006 " بالتأكيد على أن المعرض ذلك العام 2007 "لن يتطرق لموضوعات التكفير والتفجير والإرهاب لأنه لا يهدف إلى الإثارة بل هو مكان للترويج للكتاب ونشر الوعي". لكن الوزارة في الوقت نفسه أعطت زائري المعرض من الجنسين مساحة أكبر من الحرية مع إيجاد ضوابط حيث جعلت الفترات الصباحية للجميع دون التمييز على مستوى "الجنسين" حيث يتمكن الرجال والنساء من الشراء بحرية في ظل وجود عدد كبير من أفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معلقين بطاقاتهم لتمييزهم عن غيرهم من "المحتسبين" الذي أثاروا جدلا كبيرا في الدورة السابقة. وفي هذه الدورة واصل المعرض تحقيق نجاحات لافتة على مستوى الزوار ومبيعات الكتب التي قدرت بملايين الريالات. وفي عام 2008 نظمت وزارة الثقافة والإعلام المعرض دون الإشارة إلى رقم الدورة وهو ما يسري حتى الآن حيث ينظم نسبة إلى العام فقط.