قال الدكتور محمد بن مريسي الحارثي في تعريف الثقافة، إنها معادل موضوعي للحياة وكل مخلوق هو مثقف بالفطرة، فكل عالم أو أديب هو مثقف والثقافة مستويات تختلف ما بين البشر. وأضاف خلال محاضرته بمنتدى محمد صالح باشراحيل الثقافي في مكة المكرمة، اخترت ثقافة الجن لأنهم عالم مشابه لعالم الإنس، وقد جاء التكليف بالعبادة لكليهما وهذه الثقافة ترتكز على ثلاثة جوانب، الجانب الشرعي، فالجن آمنوا وصدقوا برسالة محمد عليه الصلاة والسلام حين سمعوا القرآن وصدقوا بالرسالة فاستقر الإيمان في القلوب، ثم بدأت المعرفة الثقافية لديهم من خلال معرفتهم بقدرات الخالق ومميزات الكتاب المنزل، فهذه ثقافة عالية صادرة من الجن وثقافة راقية لم يلحق بها الإنسان فتفوق عليهم الجن بهذه الثقافة. ثم الجانب الفني، وهي علاقة الجن بالشعر وهي قضية طريفة جدا، فلربما لا يوجد علاقة وهذا ما أؤكد عليه.
هناك وادٍ اسمه عبقر ارتبط بالشعراء بالرغم أنهم لا يتلقون الشعر من الجن، وإنما هي مشاعر وأحاسيس اختلجت في صدور الإنسان فعبر عنها شعراً، لأن مصادر الشعر ثلاث هي: روح القدس، الشيطان، النفس، تحكمها نفس الإنسان الثلاث المطمئنة، اللوامة، الأمارة بالسوء، ثم المشترك الثقافي بين الجن والحيوان قد يتفوق الحيوان على الإنسان والجن أو العكس فقصة الغراب حاضرة في مشهدنا الثقافي، ذلك الغراب أصبح مثقفا أكثر من بني آدم. كذلك النمل والهدد مع سيدنا سليمان، عليه السلام، هي دلالات على أن الحيوان أيضاً يمتلك ثقافة فطرية غرسها المولى فيهم، كما أن تشكيل الجن على هيئة الحيوان يقوي هذا المشترك الثقافي بينهم.