لا أعلم من هو عضو مجلس الشورى الذي قاد مداخلة مجلجلة تحت قبة المجلس يهاجم فيها نظام ـ ساهر ـ المروري مصادراً كل الوقائع وهو لا يرى فيه إلا نظام جباية ثم يطالب بالإلغاء الفوري لهذا النظام، ومرة أخرى يجلدنا بالقول إن نظام ساهر ضد القرارات السيادية السامية. وكل ما قرأته أيضاً أن عضو مجلس الشورى العزيز تحول بين الشوطين (الجلستين) إلى بطل يبارك له بعض الأعضاء هذه الشجاعة. شجاعة أن نصادر النظام وأن نعود إلى مربع الفوضى الشوارعية وأن تصبح أرواح الناس ودماؤهم وممتلكاتهم رهن بلطجية ـ الدركسيون ودواسة البنزين ـ . شجاعة أن نعمم الاستهتار وشوارب أبو عنتر. وأحيانا، ومع بالغ الاحترام، أشعر أن بعض الأعضاء الكرام من المجلس يبحثون عن بطولات شعبوية بدغدغة مشاعر الدهماء. بالوقوف مع الفلتان ضد القانون ومع العشوائية ضد الانضباط. وإذا كان الكرام في مجلس ـ التشريع ـ هم من ينادي بنسف النظام والقانون فعلى القبة الموقرة ألف تحية: هؤلاء يحتاجون إلى دورة مكثفة لفهم طبيعة العمل الشوروي والتشريعي. تستطيع أن تكون بطلاً شعبوياً إذا طالبت تحت القبة بإلغاء قروض المال العام من أكتاف المواطن متناسياً أن مواطناً آخر ينتظر ذات القرض وأن القروض في العادة تذهب للقادرين. تستطيع أن تكون غزالاً رشيقاً في عيون الدهماء إذا ما طالبت تحت القبة بخفض أسعار الوقود متناسياً أننا نستهلك في الداخل ربع الإنتاج وأننا نعدم البيئة بمليون برميل في اليوم. تستطيع أن تنادي بكسر القوانين حتى تشعر الغوغاء أنك ترفع عنهم أساور القيد دون أن تفكر في ستة آلاف قتيل في العام الواحد من ضحايا المليار وسبعة مليارات أخرى تذهب لورش العمالة.
والسؤال المهم: هل ستلاحق كاميرات ساهر سعادته إن هو التزم بقواعد السير وبالسرعة المحددة ورفع عينيه إلى ألوان الإشارة؟ هل يستطيع سعادته أن ينفي أن كل بلدان الدنيا تلاحق المخالف بشيء اسمه ـ عقوبة المخالفة ـ فمن أين اخترع لنا حكاية الجباية؟ هل يريد لنا أن نبقى نشازاً وأضحوكة حين يكون المرور بلا نظام؟ ألم يقتنع سعادة عضو مجلس الشورى بعد أربعة عقود من كذبة أسابيع المرور أن النظام والقانون أقوى من حصص التوعية الشفهية الكاذبة؟