حسين الهملاني



ينطلق الوعي الإنساني وفق مراحل وتطورات زمنية، وخبرات معرفية ومهارية.

في إطار المفهوم العام للوعي، ما زال التركيز يعيش في دائرة تصنيف يراها كثيرون محاور عليا في هرم قياس الوعي. والحقيقة عكس ذلك تماما.

في منتصف القرن الماضي، صنّف العالم الشهير ديفيد هاوكينز الوعي خلال 17 مرحلة، ووضع لكل مرحلة تردد وعي يبدأ من صفر إلى 1000، وجعل أقل تردد وعي هو العار بـ20 درجة، وأعلى مراحل الوعي هو التنوير أو الاستنارة من 700 - 1000 درجة.

بين العار والتنوير مساحة من ترددات الوعي لا يصل إليها الإنسان حتى يؤمن بأعلى درجات اليقين المعرفي، وهنا يصل إلى أعلى درجات الوعي المطلق، وهو التنوير. وهنا لا أتحدث حول تصنيف مراحل الوعي، لكن تردد درجات الوعي من شخص إلى آخر تختلف باختلاف القيم والصفات التي يحملها، حتى يستطيع تجاوز بعض مراحل الوعي السلبية ويقفز إلى مراحل الوعي التي تكسبه ترددات قيمية أعلى في حضور الوعي.

العار يمضي بالإنسان إلى درجة الصفر من قيم الحياة، ويحجب ما يستطيع العقل البشري التفكير فيه، ودائما تنطلق جرائم القتل والانتقام والكراهية والإقصاء من مبدأ العار لدى الإنسان، علما بأن هناك معطيات معرفية ومهارية في العصر الحالي تساعد الإنسان على تجاوز مرحلة العار.

منصة التنوير مرحلة قيم فوق العليا، يستطيع أن يصل إليها الإنسان عندما يكسب لحظة القبول والاستعداد والحب والسلام والتسامح.

بين الأدنى والأعلى من مراحل الوعي يصنف البشر، ويبقى تطوير العقل باستمرار مشروع العقلاء من البشر، حينما يعمل الإنسان على كسب أعلى درجات من ترددات الوعي، يستطيع أن يكون حاضر الوعي في كل لحظات حياته. أقرب مسار يأخذنا إلى أعلى درجات الوعي المكتسب، هو البحث عن الإيجابيين من البشر والبعد عن السلبيين، وبناء القوة الداخلية حول البحث والاستفهام والتجلي، وكسب المعرفة المستمرة عن الحقيقة، والإصرار الدائم على امتلاء الروح بالتقرب إلى الله والتوكل عليه، وكسب الحسنات والاستغفار والصلاة والدعاء، نستطيع الاقتراب من أعلى درجات الوعي، وهو التنوير، والتي يعيش فيها الإنسان بأعلى درجات الطمأنينة والقبول والرضا.

بمعنى أوضح: كلما اقترب مستوى الوعي من العار أصبحت الحياة مليئة بالمشكلات والفقر والبطالة والقتل واقتحام حرية الآخر والسطو والانهزامية وموت الحياة. وفي المقابل، كلما ارتفع مستوى الوعي من الحكمة والحب والسلام والتنوير، ظهر الانسجام وحفظ الحقوق والإنتاج المعرفي وفرص العمل وبهجة الحياة.

ختاما: يصنف المجتمع المدني أحد مقومات تدرج نمو الوعي حتى يصل إلى التنوير الكامل.