قد يعتقد البعض أن هناك شخصا سيئا كان السبب في وقوع أحد أفراد أسرته في المخدرات، أو يبدأ بالبحث عن أسباب خارجية أدت إلى وقوعهم فيها،

وذلك يرجع إلى أحد السببين: إما لقلة وعيه بالمخدرات، أو بسبب ما يسمى الإسقاط (Projection)، وهو إحدى الحيل النفسية الدفاعية (Defense mechanisms)، وهي طريقة لا شعورية، يقوم بها الفرد لإلصاق مشاعره في أسباب خارجية مثل لوم الآخرين على ما فشل هو فيه، ليحمي نفسه من الشعور بالألم أو الشعور بالذنب.

في الحقيقة، هناك مسبب أعمق من مجرد وجود أبنائك حول صحبة سيئة، فالباحثون بدؤوا يدرسون العلاقة بين المخدرات والصدمات النفسية، عندما وجدوا أن كثيرا ممن يعودون من الحروب ترتفع لديهم نسبة استخدام المخدرات. قد يتساءل البعض: وما علاقة الحروب بالعنف؟ الحروب والعنف كلاهما يعدّان من أنواع الصدمات النفسية.

وهنا بعض أنواع الصدمات النفسية: الاعتداء الجنسي، الاعتداء الجسدي، الاعتداء العاطفي أو سوء المعاملة العاطفية، أن تكون ضحية أو شهدت عنفا أسريا، التعرض لحادث خطير أو مرض خطير، جرائم الكراهية، الحروب.

تأثير كل هذه الصدمات على الإنسان يختلف من شخص إلى آخر، قد تسبب، على سبيل المثال لا الحصر، اضطراب ما بعد الصدمة، سوء استخدام المخدرات أو كلاهما معا، وأيضا قد تسبب اضطراب الاكتئاب أو اضطراب التكيف، أو قد لا تسبب أي اضطراب على الإطلاق، لكن قد تؤثر على علاقة الشخص ذاته بالآخرين، أو علاقته الزوجية مستقبلا عندما يُترك ضحية الصدمات النفسية بلا علاج.

الإدمان هو محاولات للتداوي الذاتي لتخدير الآلام النفسية والهرب منها، لأن صاحبها يفتقد مهارات التعامل مع الضغوط.

هناك دراسة وجدت أن 3 من كل 4 مرضى الإدمان تعرضوا لصدمات نفسية قبل مرحلة الإدمان، هذا بالتأكيد لا يعني أن كل شخص تعرض لصدمة نفسية مثل: العنف الأسري، سيصبح مريضا بالإدمان، أو كل مريض إدمان تعرض لصدمه نفسية مثل: العنف الأسري. فالعلوم النفسية، لا تبنى على هذا القياس كما هي الرياضيات، لكن عندما يأتي شخص يعاني من الإدمان للعلاج النفسي، فمن ضمن العوامل التي نبحث عنها -كمختصين- هو تاريخ الصدمات النفسية لدى مريض الإدمان. أول سؤال يمكن أن يتبادر إلى أذهاننا هو: ما الألم النفسي الذي يحاول مريض الإدمان الهرب منه؟ لأننا عندما نعالج المسبب نكون ساعدنا في حل المشكلة التي أتى المريض من أجلها.