هنوف الأحمري



«سئمتُ الحياة، ليست لديّ رغبة في البقاء فيها، يبدو أن ليس هناك أمل في هذه الدنيا. فقدتُ رغبتي فيها، لدي ألف سبب وسبب لإنهاء حياتي، ولكن ليست لدي أسباب كافية للعيش. الكثير يتقدمون في حياتهم، بينما أنا هنا، أقف في المكان نفسه. أصدقائي وعائلتي يلومونني ويقولون لي: «ألا تخافي الله! اقرئي أذكارك وتعوذي من الشيطان». لا يفهمون تماما ما أشعر به».

هذا هو لسان حال من يعيش مع اضطراب الاكتئاب.

وصمة العار المتعلق بالصحة النفسية لها تاريخ عريق، لذلك الكثير يجهل أن الأفكار الانتحارية ليست لها علاقة بالمعتقد، لأن الاضطرابات النفسية تصيب المؤمن وغير المؤمن، وبالتالي فإن الأمر ليست له علاقة بضعف الدين، ولا يُعد من أفكار الشيطان، كما هو الحال في مرض السكري والربو، على سبيل المثال.

هناك دراسات من جامعة هارفارد، توصلت إلى أن مسببات الاكتئاب، هي اختلال التوازن الكيميائي في الدماغ، أو جينات وراثية قد تنتشر في العائلة، أو مشكلات طبية، أو آثار جانبية لبعض الأدوية، وربما بسبب الأحداث المجهدة التي تعترضنا في الحياة.

هذه العينة من الناس فقدت أملها في الحياة، فقدت إرادتها في العيش، تهرب من ذاتها، تشعر بالفتور.

وسؤالي -كمعالجة نفسية- لهذه العينة التي تزور عيادتي: عندما تكون لدي القدرة في أن أزيل عنك هذا الشعور، هل سترغب في العيش؟ والجواب دائما نعم!

هنا أقدم، للقارئ الكريم، بعض المعلومات عن الصحة النفسية المتعلقة بالأفكار الانتحارية. هناك عدة أنواع للأفكار الانتحارية:

النوع الأول: فكرة غير صريحة، مثل أن تتمنى أن يصيبك حادث أو مرض خطير لتنتهي حياتك.

النوع الثاني: فكرة صريحة، مثل رغبتك في القفز من جسر أو جرح نفسك بمادة حادة حتى تنهي حياتك.

النوع الثالث: وجود فكرة صريحة مع خطة قابلة للتنفيذ، مثل أن تكون لديك خطة بالطريقة التي ترغب أن تنهي حياتك بها، محددة بالطريقة والمكان والزمان.

النوع الرابع: وجود أفكار صريحة أو غير صريحة، مع وجود تاريخ سابق في محاولات الانتحار ولكنها فشلت، وليست لديك خطة فعالة في الوقت الحالي بالطريقة والمكان والزمان.

النوع الخامس: وجود أفكار صريحة مع محاولات سابقة، ووجود خطة في الوقت الحالي بالطريقة، ومحددة بالزمان والمكان.

الأنواع السابقة مرتبة على حسب الخطورة من أكثرها خطورة إلى أقلها.

توصياتي لمساعدة هذه العينة هي: إنشاء خط ساخن للوقاية من الانتحار من وزارة الصحة، وتكوين لجنة من فرق معينة للتدخل السريع في حالات الأزمات المتعلقة بالصحة النفسية. كل لجنة من هذه اللجان تتكون من طبيب نفسي وأخصائي نفسي وأخصائي اجتماعي، يذهبون إلى مقر المتصل لتقييم حالة المريض، ومدى خطورته على نفسه والآخرين، وبناءً عليه يتم اتخاذ القرار السريري، فإذا كان يشكل خطرا على نفسه أو على الآخرين يتم تنويمه، إما بشكل طوعي أو إلزامي، وبعد صرفه من المستشفى تُقدَّم له خطة علاجية بالمتابعة مع طبيب نفسي ومعالج نفسي.