محسن غدران



هناك عدة جهات حكومية تتولى حاليا التشريع والرقابة الغذائية، منها وزارة البيئة والمياه والزراعة، تعمل على التشريع والرقابة في مجال الإنتاج الزراعي والنباتي والحيواني في المملكة.

والمستثمرون في هذا المجال كثر، بين شركات وأفراد، ويتنوع إنتاجهم الزراعي في إنتاج الخضار والفاكهة، وتنمية الثروة الحيوانية كتربية الأغنام والإبل والدواجن ومنتجات الألبان والبيض، ومشروعات الاستزراع السمكي، وجميعها تقريباً لا يغطي الاكتفاء الذاتي للمملكة.

وتعمل الوزارة على وضع اللوائح والأنظمة لإدارة العمل والتنظيم الرقابي لهذه المنتجات.

جهة أخرى هي وزارة الشؤون البلدية والقروية، ممثلة في قسم صحة البيئة، وهي جهة تشريعية ورقابية على كل المنتجات الغذائية في الأسواق والمطاعم، ولديها مراقبو صحة بيئة تابعون للبلديات في مناطق المملكة المختلفة، وغالب ما لديها من التشريعات موجود في موقع الوزارة على الإنترنت، ولكن خفت صوتهم الإعلامي بشأن التوعية الغذائية.

جهة ثالثة، هي الهيئة العامة للغذاء والدواء، وقسم الغذاء التابع للهيئة جهة تشريعية ورقابية على الأغذية المستوردة وتوعوية للمستهلكين، وتصدر تصاريح الفسح للأغذية، وبيانات الأغذية الممنوعة بحسب بيانات الهيئة، بعد أن كانت من صلاحيات وزارة الزراعة سابقا، إلا أنها انتقلت إلى هيئة الغذاء والدواء بعد إنشائها، كما أصبحت تشارك في الرقابة على الأسواق المحلية في المناطق التي يتوافر فيها مقار لهيئة الغذاء والدواء.

لاحظنا تشريعات خاصة بالمطاعم، كتشريع السعرات الحرارية الذي ظهر مؤخرا، لا نتحفظ على مثل هذا التشريع، إلا أنه من المفترض أن يصدر من الجهة المعنية بتطبيقه، وتملك المراقبين لتنفيذ القرار، وهي وزارة الشؤون البلدية والقروية، ممثلة في قسم صحة البيئة.

كما يأتي التحفظ على أولويات الهيئة العامة للغذاء والدواء حاليا، ممثلة في قسم الغذاء، وهي المسؤولة كما أسلفنا عن الأغذية المستوردة، فكيف تهتم بمثل هذا الأمر وتوجه المطاعم بعمل قائمة افتراضية أو تقريبية للسعرات الحرارية، كان يجب أن تتأكد الهيئة أولا من احتواء المنتجات المستوردة كافة، ببطاقتها الغذائية على نشرة السعرات الحرارية في مثل هذه المنتجات.

وأيضا خُلوّ الأسواق من الزيوت المهدرجة المستوردة، التي تمتلئ بها الأرفف، كما أنه من المهم أن تمنع الشركات المستوردة للأغذية التي تحوي كميات أعلى من الحد المسموح به من متبقيات المبيدات الحشرية، والتأكد أيضا من خلّوها وسلامتها من الري بمياه الصرف الصحي، وهناك متبقيات الأثر الكيميائي من عمليات التبخير المتكررة للأرز في بلد الإنتاج، وكذلك في مستودعات الأرز، إذ لا تخلو المستودعات المحلية للأرز من تلك العمليات.

جميع الأمثلة أعلاه تؤدي إلى الإضرار بالصحة. يجب اعتماد أدوات وإجراءات وضوابط صارمة للرقابة الغذائية على السلع الغذائية المستوردة، وعدم الاعتماد فقط على نشرات المنع الصادرة من جهات رقابية دولية، فكما يعلم كثيرون أن هناك جهات رقابية دولية متساهلة في بعض الإجراءات بشأن المواصفات الغذائية، تخالفها جهات دولية للمواصفات والإجراءات نفسها.

لا ننكر أهمية الأعمال التي قامت بها الهيئة العامة للغذاء والدواء في الفترة السابقة، وقد نجحت إلى حد ما في مجال التوعية الإعلامية أو المنع، فعليها أن تركز في مهام عملها، وأن تدع للجهات الأخرى أعمالها المنوطة بها، وإلا ماذا ستفعل الهيئة إذا علمت أن هناك جهات تشريعية للرقابة على الأغذية، كما في المستشفيات والجامعات، وجهات تابعة لوزارة الدفاع والداخلية وقطاعات خاصة، فكيف ستلزم مثل هذه الجهات وليس في عقودها وتشريعاتها مثل هذا الأمر.

لو أردت أن ينجح قرار أو تشريع، فلا بد أن تكون لديك القدرة والسلطة لتطبيقه ومتابعته.

أخيرا، لدي عدة تساؤلات أطرحها بشأن الرقابة على الأغذية، منها:

ماذا لو وُحِّدت الجهات المسؤولة عن الرقابة الغذائية في المملكة؟

ماذا لو وحدت التشريعات المتعلقة بالغذاء والتغذية في المملكة؟

ماذا لو كان هناك سلم وظيفي مختص، يُعامَل فيه المراقبون الصحيون ومشرفو التغذية وأخصائيوها والعاملون في الرقابة الغذائية في الجهات كافة دون تمييز؟