أثبتت دراسة قام بها البروفيسور الفخري في طب الأطفال وطب النفس الدكتور توماس بويس لمدة 40 عاما أن الأطفال ينقسمون إلى صنفين أحدهما، صعبو الاستشارة وغير مبالين تماما بما يحيط بهم، والصنف الآخر الحساسون جدا من بيئاتهم، حيث شبه هذين النوعين من الأطفال بنوعين مختلفين جدا من الأزهار، هما اليعضيد والسحلبية.



أطفال اليعضيد والسحلبية



معظم الأطفال عادة يكونون أكثر ميولا نحو ازهار اليعضيد، أي مرنين إلى حد ما وقادرين على تحمل الضغط والشدائد في حياتهم، والأقلية من الأطفال يلقبون بالأطفال السحلبية، وهم الأكثر حساسية وتفاعلا بيولوجيا مع ظروفهم، الأمر الذي يجعل من الصعب عليهم التعامل مع المواقف المثيرة للضغوطات. كما يقول بويس «إن الطفل السحلبية هو الطفل الذي تظهر عليه الحساسية والضعف بشكل كبير أمام كلا من البيئات السيئة والجيدة، التي يجد نفسه فيها».



الفروقات الفردية بين الأطفال



ذكر بويس في كتابه «The Orchid and the Dandelion» أنه من الصعب فهم الفروقات الفردية بين الأطفال أثناء تجاوبهم بيولوجيا تجاه أنواع خفيفة وشائعة من التحديات والضغوطات، وتم دراسة الفروق عن طريق إحضار عينة الدراسة من الأطفال إلى المختبر، وطلب منهم القيام بمجموعة من المهام  البسيطة، مثل إعادة عد سلسلة من الأرقام، وجعلهم يشاركون في حوار مع الفاحص المختص، والذي استمر في سؤالهم عدة أسئلة شخصية عن تواريخ ميلادهم والهدايا التي يحصلون عليهم وغيرها من الأسئلة، وطلب من العينة وضع قطرة من عصير الليمون على اللسان، وهذا يعتبر أحد أنواع التحديات التي تثير التغيرات في الاستجابة البيولوجية.



الاستجابة للضغوطات



تم قياس استجابة الضغوطات للأطفال عن طريق استخدام أنظمة استجابة الضغوطات في الدماغ البشري، كان أحدها جهاز الكورتيزول، الذي يقع تحت المهاد بالدماغ، وهو النظام الذي يفرز هرمون الإجهاد، الذي يعتبر ذو تأثيرات قوية على الوظيفة المناعية ووظيفة القلب والأوعية الدموية. وتم القياس أيضا عن طريق نظام استجابة الضغوطات وهو الجهاز العصبي الذاتي، والمسؤول عن الأيدي المتعرقة والقليل من الارتعاش وتوسع بؤبؤ العين، وجميع الأمور التي نربطها باستجابة الجهاز العصبي الذاتي، وتم متابعة استجابة الجهازين أثناء تعرض الأطفال للتحديات الخفيفة. حيث تم اكتشاف اختلافات كبيرة بين الأطفال، كان هنالك بعض الأطفال في أعلى مستوى من الطيف الترددي، الذين كانت لديهم استجابة كبيرة في كلا من جهازي الكورتيزول والعصبي الذاتي، وهناك أطفال لم تكن لديهم تقريبا أي استجابة بيولوجية تجاه التحديات التي عرضت عليهم.



المخرجات السلوكية



اكتشفت الدراسة أن نفس أنواع أنماط الاستجابة موجودة بالنسبة لكلا من الأمراض الجسدية، مثل الأمراض التنفسية الحادة والالتهاب الرئوي والربو وغيرها، وكذلك في المخرجات السلوكية العاطفية، مثل القلق والاكتئاب والأنواع الخارجية من الأعراض، لذلك نعتقد بأن نفس أنماط الحساسية التي نجدها في الطفل السحلبية، مقارنة بالطفل اليعضيد تتجلى ليس فقط بالنسبة للأمراض الجسدية فحسب، وإنما كذلك المشاكل العاطفية والنفسية.

 


اختلاف تجارب الاطفال


 يختلف الأطفال باختلاف التجارب داخل الأسرة بالرغم من أن لديهم مقومات متشابهة مثل أنهم تربوا مع نفس الآباء والأمهات، وفي نفس المنزل، وفي نفس الحي، ولكن كانت لديهم في الواقع أنواع مختلفة من التجارب، التي اعتمدت على ترتيب ولادة الطفل بين إخوتهم، وجنس الطفل، وبعض الشيء الاختلافات في التسلسل الجيني.


تحفيز أطفال السحلبية


أصعب مهمة قد يقوم بها الآباء والأمهات عند تربية الطفل السحلبية، إذ أن والدي الطفل السحلبية بحاجة إلى الانتباه للحدود، والتفاصيل الدقيقة، من الجانب الأول، ألا يدفع طفله إلى ظروف تنهكه وتجعل منه خائفا، ولكن من الجانب الآخر عدم حمايتهم كثيرا لدرجة أنهم لا يكتسبوا تجارب وخبرات، لإتقان هذه الأنواع من المواقف المخيفة.

وما يميز الطفل السحلبية أنه يستطيع النجاة عند إعطائه الظروف الداعمة والمقوية، كما أوضح بويس «أن أطفال السحلبية يكونون في وضع جيد إذا توفرت لهم أمور معينة، مثل تناول طعام العشاء في كل ليلة في نفس المكان والتوقيت مع نفس الأشخاص، وتكون لديهم أنواع معينة من الطقوس تقوم بها الأسرة من أسبوع إلى أسبوع، أو من شهر إلى شهر».

وأضاف «أن هذا النوع من الروتين وتشابه الحياة من يوم ليوم آخر، ومن أسبوع لأسبوع آخر، شيء مفيد وداعم للأطفال المصابين بهذه الحساسيات الكبيرة».


الطفل اليعضيد

هو الطفل المرن والقادر على تحمل الضغط والشدائد 





الطفل السحلبية

هو الطفل الذي تظهر عليه الحساسية والضعف بشكل كبير أمام كلا من البيئات السيئة والجيدة التي يجد نفسه فيها.