فيصل السميري



استشهاد 50 شخصًا وإصابة أكثر من 30 آخرين بجروح بالغة في هجوم إرهابي على مسجدين في (كرايست تشيرش) بنيوزيلندا أثناء صلاة الجمعة الموافق 2019/‏3/‏15، لم يكن وليد الصدفة، وإنما نتيجة تغذية فكرية على الكراهية والتطرف، وعنصرية من الأسرة المدرسية والمؤسسات الإعلامية الغربية ضد المسلمين. الجريمة الإرهابية تعد منعطفا خطيرا على الأمن والاستقرار العالمي. أسلوب وطريقة ارتكاب هذه الجريمة البشعة والمقززة، يكشفان لنا خطورة اليمين المتطرف العنصري والدموي في الغرب، والذي تغذى تربويا وإعلاميا على الكراهية والتطرف وإقصاء الآخر، تربى على مفهوم البحث عن عدو بعد انهيار الاشتراكية وظهور صدام الحضارات مع (صامويل هنتنجتون).

 التطرف والكراهية والتوحش ضد اللاجئين وبخاصة المسلمين في الغرب يُنذر بتطورات عالمية خطيرة، تشبه إلى حد ما التطورات التي سبقت الحرب العالمية الثانية، ونتجت عنها وصول اليمين المتطرف المتمثل في الحركة النازية إلى الحكم في ألمانيا، واشتعلت بسببها الحرب العالمية الثانية.

 العالم بأكمله أجمع على أن المجزرة الشنيعة، عمل إرهابي كامل الأركان فكرا وتنفيذا، وهنا تقع مسؤولية المجتمع الدولي في مواجهة خطابات الكراهية والإرهاب، التي لا تقرها الأديان ولا قيم التعايش بين الشعوب.

 استوحى الإرهابي فعلته من جريمة الإرهابي سفاح النرويج الذي قتل 77 شخصاً عام 2011، وينتمي إلى اليمين المتطرف ومعروف عنه عداؤه للإسلام. هذه الأعمال الإرهابية تدل على احتواء المناهج الغربية على التطرف وخطاب الكراهية ضد المسلمين والمهاجرين، فالبيئة في الغرب تنحو نحو توليد الرأي المتطرف ضد المسلمين. الساسة في الغرب يقومون بطريقة ممنهجة بإثارة الفتن بين المهاجرين المسلمين، وكلنا يتذكر أو قرأ عن منع (جون هورد) اللاجئين من دخول أستراليا، وكذا تصريح أحد النواب في أستراليا عن جريمة مسجدي نيوزيلندا وضربه للصبي الذي حاول أن يعبر عن رفضه لما يقول.

تصاعد موجات الكراهية والمناهج والخطاب الإعلامي الغربي والدعوة إلى معاملة المسلمين كالغرباء في أوروبا، وإقامة الجمعيات السرية والمعلنة التي لا هدف لها إلا القضاء على الإسلام والمسلمين، لم يكن لينتج إلا من خلال مناهج دراسية شديدة العنصرية، وخطاب إعلامي ينمي البغض والحقد ضد كل مسلم ومهاجر. نعرف أن الثقافات تختلف في أسسها الفلسفية والعقدية والفكرية، وفي نظرتها للإنسان والكون والحياة، ويتجلى أثر هذا الاختلاف في المناهج التي ترتضيها في تصريف شؤون حياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وفي علاقتها بغيرها من الأمم والشعوب.

أظهرت نتائج العديد من الدراسات أن النزعة الاستعلائية متأصلة في الفكر الغربي ومتغلغلة في المناهج والإعلام، التي تنزع إلى رفض الآخر، ورفض أية حضارة منافسة لحضارته، وأن منابع تلك النزعة في الفكر الغربي لم تجف بعد، وهناك أسباب عدة تؤجج وهج النزعة كلما خبت، بل أفرزت عدة تحديات للحضارة العربية الإسلامية منها:

1- تحديات سياسية تسعى إلى تفكيك النظام الإقليمي العربي والإسلامي والذهاب به عن الساحة العالمية.

2- تحديات قومية رامية إلى تمزيق الهوية العربية والإسلامية.

 3- تحديات اجتماعية ترمي إلى تفتيت المجتمعات العربية والإسلامية.

والغرب يتلون في معاملته مع الآخر وفق مقتضيات تفرضها طبيعة المرحلة.

 حلل معهد جورج إيكيرت الألماني لأبحاث الكتب المدرسية 27 كتابا في مدارس خمس دول أوروبية (بريطانيا وفرنسا والنمسا وإسبانيا وألمانيا) وكان من نتائجها أن هذه الكتب تقدم عن الإسلام أفكارا مشوهة تعكس ما أسمته الدراسة بـ «العنصرية الثقافية».

 لنعلم جميعا أن خطاب الكراهية في الغرب لم يظهر فجأة، وإنما هناك تحضيرات في مؤسسات تربوية وإعلامية ومنها تحويل الأزمات الاقتصادية التي يواجها الغرب إلى برامج ضد المهاجرين، نتعجب من:

1. وجود قانون لمنع المآذن أو لحظر الحجاب والنقاب.

2. وجود متطرف يقتل من المسلمين العشرات.

3. نجد زعيما يحاول الوصول لأعلى شعبية له بمهاجمة الإسلام.

4. من يتهكم على نبينا صلى الله عليه وسلم بالرسوم المتحركة.

 كل هؤلاء وغيرهم نتاج مناهج دراسية متعصبة ومغرضة وظالمة للإسلام والمسلمين وإعلام يعمل ليل نهار على تكريس ما تلقنوه في تلك المناهج.