من المعروف أن كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية كانتا دولة واحدة، وبعد خلافات وحروب استقل شقها الجنوبي عن الشمالي، وأصبح الجنوبي منها يعرف حاليا بـ«كوريا الجنوبية»، وفي يوم الاستقلال قبل حوالي 65 عاما، كان دخل الفرد في الشمالية مساويا للجنوبية. وفي يومنا هذا يبلغ عدد سكان كوريا الشمالية قرابة 25 مليون نسمة، أما تعداد سكان جارتها الجنوبية فتخطى حاجز الـ53 مليون نسمة، والمتعارف عليه أن الدولة التي لديها سكان أقل تكون فرصتها في زيادة دخل الفرد أعلى من نظيراتها ذات الكثافة السكانية العالية، إلا أن العجيب أن متوسط نصيب الفرد في كوريا الشمالية يبلغ حاليا نحو 5 آلاف ريال سعودي سنوياً، أما جارتها الجنوبية فيتخطى حاجز الـ105 آلاف ريال، (بمعنى لو أنك مواطن من كوريا الشمالية فسيكون متوسط دخلك الشهري 416 ريالا)، وفي نفس ذلك الشهر سيكون دخل أخيك الذي يحمل الجنسية الكورية الجنوبية 8750 ريالا. وسبب الفارق في متوسط الدخل بديهي جدا، فالمنتجات الكورية الجنوبية تنتشر في أنحاء العالم، كالإلكترونيات، والسيارات، والسفن، والآلات، والبتروكيماويات، والروبوتات، كما أن كوريا الجنوبية عضو في الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية، وأحد المؤسسين للآبيك (منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ) وقمة شرق آسيا. وبالسؤال عن السبب التاريخي للفارق الكبير بين متوسط الدخلين حاليا يأتيك الجواب: (اختلاف سياسات الدولتين). ولو أخذنا هذا السبب بجانب من الاهتمام فسنعلم جميعا أن السياسة ليست لعبة، وليست للجميع ليبدي الصغير رأيه فيها قبل الكبير، ولن نخوض في تفاصيلها ونستمع لمن يفتي ويطرح وجهة نظره بها، وكأن سياسات البلدان (اسم مولود ابنته البكر)، ليدلي بدلوه كل يوم على شاشة التلفاز فيما يجب وما لا يجب، مطالبا بالتغيير والتبرير، والغريب أننا نستمع له ونحن نعلم أنه بعيد كل البعد عن دهاليز السياسة وأزقتها الموحشة، التي لن يقدر على خوض غمارها سوى من ولد وهو يشربها مع حليب أمه وراثة من أبويه.

خلاصة القول: في الطب البشري نجد أن (الجلدية والتناسلية) تخصص واحد رغم اختلافهما في الظاهر، والسبب هو أن بعض الأمراض والمشكلات التناسلية تظهر أعراضها على جلد المريض حتى ولو حاول إخفاءها، وعلى نفس قاعدة العلاقة بين الجلدية والتناسلية نجد أن أغلب الكليات تسمى (كلية السياسة والاقتصاد)، والسبب أن الحالة السياسية لأي دولة تظهر آثارها على اقتصادياتها ولو بشكل غير مباشر، لذا دعوا القوة الاقتصادية للمملكة ترد على من لديه وقت الفراغ يشغله بتقديم أعمال تطوعية في الاستشارات السياسية، وتذكروا أن السياسة والاقتصاد كالجلدية والتناسلية.