باختصار إذا كنت «برستيج» وفي ضيافة الخطوط السعودية، وبعد أن قامت المضيفة الأجنبية بإعطائك فنجال القهوة العربية وانتهيت من شربه، وأحببت أن تعاملها حسب العادات القبلية التي يتعامل بها أغلب القبائل في الجزيرة العربية، فعليك أن تهز الفنجال لإبلاغها بأنك اكتفيت من قهوتها ولا تريد فنجالا آخر.

تخيل أن هذه المضيفة أخذتها اللقافة وسألتك: لماذا تهز فنجالك؟

قيل إن أول من قام بهز الفنجال هم الشيوخ وحكام القبائل سابقا الذين يقومون بجلب صبابين قهوة من فئة الصم (ذوي الإعاقة السمعية)، حتى لا يستطيعون سماع الأسرار التي تقال في مجلس هذا الحاكم وذاك، وبالتالي لا يستطيعون نقلها لمن بالخارج سواء عامة القبيلة أو الأعداء أو غيرهم.

أعد طرح السؤال على نفسك مرة أخرى، لماذا تهز فنجالك أنت في يومنا هذا؟؟

في حال كانت إجابتك بأن ذلك أصبح تعريفة عامة بين صباب القهوة والمصبوب له، فلماذا لم يتم الاستغناء عنها بمجرد أنه عرف أن السبب الذي كان يهز الفنجال لأجله قد زال.

ليس الفنجال وهزته ورقصته هي عصب المشكلة، بل على العكس إن هززت فنجالك فأنت لم تنفع أحداً، وإن امتنعت عن هزه فلم تقطع رزق أحد، لا فائدة ولا خسران في هزه.

لكنك ستجد أن حياتك تحتوي على بعض التفاصيل التي تشابه هزة الفنجال، وقد تكون عادات سننتها أنت وليس من قبلك، ثم بدأت تفرضها على من أنت مسؤول أمام الله عن رعيته، وهذا الذي كان من رعيتك لو رآك وأنت تطبق عاداتك المبتكرة بشكل معتدل، فسيطبقها هو بكل تفان وإخلاص وتشدد، وإن كان أقل دوافعه (هذي من ريحة المرحوم)، ويأتي بعد المرحوم مرحومين كثر تسألهم مضيفة الطيران عن عاداتك لماذا فعلوها.

العادات والتقاليد شيء جميل، يجعلك تشعر بمدى ضرب عروقك في التاريخ، ولأن من العادات والتقاليد ما كان لحفظ الأمن وحسن الجيرة، وصون العرض والشرف والمال، فقد قامت بعض قوانين البلدان في دستورها العام على ما تعارف عليه السكان المحليون من عادات وتقاليد، وتم صياغتها ضمن القانون القضائي ليتم محاكمتهم بناء على ما اعتادوا عليه.

ولكن حينما تكون العادات قد سنت لوقت محدد وظروف زمنية معينة، وبناء على نجاحها في ذلك الوقت يتم توارثها على مر الأزمنة والعصور، باختلاف تغيرات الأزمنة ومتطلباتها فهنا لا بد أن تجد إجابة مقنعة لنفسك (لماذا تهز فنجالك؟).