في ديسمبر الماضي هدّد الرئيس الإيراني حسن روحاني بأنه إذا منعت أميركا صادرات النفط الإيرانية، فـ«لن يتم تصدير أي نفط من الخليج العربي». وقد لا يكون ذلك أكثر من كلامٍ فارغ، لكن مع تزايد التوترات حول العقوبات الأميركية وتنامي الأنشطة الإيرانية الخبيثة حول العالَم - كمؤامرات الاغتيال في أوروبا، وإثارة عدم الاستقرار في المنطقة، وتجارب الصواريخ الباليستية، لا يمكن تجاهل التهديدات الإيرانية ضد البلدان الخليجية المجاورة.

منذ 12 ديسمبر 1983 أرسلت إيران وكلاء إرهابيين من الشيعة اللبنانيين والعراقيين لتنفيذ مجموعة من التفجيرات المنسَّقة على مدى ساعتين. واستهدفت الهجمات مصالح غربية في الكويت، شملت السفارتين الأميركية والفرنسية، ومطار الكويت، وموقعاً قرب أراضي شركة «رايثيون»، ومنصة نفط لـ«شركة البترول الوطنية الكويتية»، ومحطة لتوليد الكهرباء مملوكة للحكومة. وقد تم إحباط الهجوم السابع خارج مكتب للبريد. وأودت تلك الهجمات بحياة ستة أشخاص وتسببت في إصابة ما يقرب من 87 شخصاً بجروح.

وعلى مدى السنوات القليلة التالية، استمرّت إيران في إرسال عملاء من «حزب الله» اللبناني و«حزب الدعوة» العراقي ومجموعة متنوعة من المقاتلين الشيعة المحلّيين من الكويت والبحرين والسعودية، من أجل تنفيذ هجمات بالنيابة عن طهران في جميع أنحاء المنطقة. وبدءًا من عام 1985 أشارت «وكالة الاستخبارات المركزية» الأميركية إلى أن «إيران تستخدم عموماً جماعات شيعية لبنانية أو عراقية متطرّفة في عمليّاتها الإرهابية». وبعد أكثر من ثلاثة عقود، أتقنت إيران استخدام ما تصفه الآن بـ«جيش التحرير الشيعي»، تحت قيادة «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري الإسلامي»، لزعزعة الاستقرار الإقليمي وتوسيع السلطة الإيرانية خارج حدودها.

وفي تقريرٍ في فبراير 1988 أشارت «وكالة الاستخبارات المركزية» إلى ازدياد تورّط إيران في الإرهاب الدولي في عام 1987، وشمل ذلك مؤامرات إرهابية في أوروبا والخليج، وأشار التقرير إلى أن «طهران استخدمت تهديد الإرهاب، بالإضافة إلى الهجمات على السفن الخليجية من أجل تثبيط عزيمة دول الخليج العربي المعتدلة.

وتوجد عدة أسباب تدعو للقلق من إمكانية إجراء إيران حسابات مماثلة اليوم، ومن أن يكون تهديد روحاني بإغلاق مضيق هرمز أكثر من مجرّد توعُّد. فهناك تأثير كبير للعقوبات التي أعادت أميركا فرضها، حتى من دون تعاون أوروبي كامل. ويبدو أن أوروبا مستعدة للنظر في فرض المزيد من العقوبات في أعقاب مؤامرات الاغتيال الإيرانية في أوروبا والتصعيد في اختبار الصواريخ الباليستية الإيرانية في انتهاك للقرارات الأمنية الحالية للأمم المتحدة. وإذا شعرت إيران بأنها محاصرة، قد تقوم بعمليات هجومية. وقد تملك الوسائل للقيام بذلك من خلال حلفائها - سواء أكان ذلك يعني شن هجمات صاروخية ضد إسرائيل من قبل «حماس» و«حزب الله»، أو هجمات على قوات التحالف في العراق، أو هجمات تستهدف دول الخليج.

وفي عام 1986، قدّرت «وكالة الاستخبارات المركزية» أن «تصدير الثورة هو عقيدة جوهرية للنظام الديني في إيران، والإرهاب هو أداة أساسية لدعم هذا الهدف». وحتى بعد كل هذه السنوات، لا يزال تصدير الثورة يشكل التوجيه الرئيسي لـ «فيلق القدس» وحلفائه المقاتلين الشيعة. وفي عام 2016، أوضح القائد المتقاعد في «الحرس الثوري» الإيراني» العميد محمد علي فلكي أن القوات الإيرانية بالوكالة - من العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان وغيرها - تشكّل معاً «جيش تحرير شيعي قائده هو [زعيم «فيلق القدس»] قاسم سليماني». وأضاف، «قد يقود الإيرانيون بعضاً من هذه الوحدات، لكن ليس المقصود من القوات الإيرانية أن تشمل كل هذا الجيش».

واليوم، تؤمّن إيران الأسلحة والتدريب والتمويل والدعم الاستخباراتي للعناصر التي تؤلّف «جيش التحرير الشيعي». وتُعرَض في حظيرة للطائرات في «قاعدة أناكوستيا-بولينغ المشتركة» في العاصمة الأميركية واشنطن مجموعة من الأسلحة الإيرانية التي زوّدت بها إيران وكلاءها في أفغانستان والبحرين واليمن.

ومن بين أنظمة الأسلحة الأخرى المعروضة في ما يُعرف بـ «معرض المواد الإيرانية» مركباتٌ جوية غير مأهولة قادرة على نقل حمولات متفجّرة، وقارب «شارك-33» يمكن التحكّم به عن بُعد من النوع الذي تمت تعبئته بالمتفجّرات واستهدف الفرقاطة السعودية «المدينة»HMS al-Madinah في يناير 2017. وجَمَع التقنيون 90 مجموعة من إحداثيات «نظام التموضع العالمي» من نظام الحاسوب للتحكّم عن بُعد الخاص بالقارب، تشمل مواقع في البحر الأحمر واليمن ومضيق هرمز وإيران. وتعود إحداثيات واحد من موقعيْن في طهران إلى «منظمة الجهاد للاكتفاء الذاتي» المسؤولة من بين أمورٍ أخرى عن البحث والتطوير المتعلّقين بالصواريخ الباليستية الإيرانية. وفي الواقع، تُظهِر الصور التي وُجِدَت على نظام التوجيه الحاسوبي الخاص بالقارب «شارك-33» احتمال الإنتاج أو التركيب أو الاختبار لما لا يقل عن سبعة حواسيب مشابهة، إضافية في هذه المنشأة التابعة لـ «الحرس الثوري» الإيراني في شرق طهران.

إن هذا الدليل الجديد على انتشار الصواريخ الإيرانية هو إقرار قاطع، ويشكّل إثباتاً على الانتهاكات الواضحة لعدد من قرارات مجلس الأمن الدولي التي تحظر على إيران تصدير الأسلحة. ولكن ذلك ليس سوى أحدث مظاهر الدعم الإيراني للأنشطة الإرهابية التي تستهدف الدول المجاورة في الخليج وخارجه.

 


ماثيو ليفيت

* ومدير برنامج «ستاين» للاستخبارات ومكافحة الإرهاب

* موقع «ذي أميركان إنترست».