من الوهم الاعتقاد أن عالم العلم ليس إلا مجموعة من القوانين الصارمة والحسابات المعقدة التي ضيقت الخناق على الخيال وقامت بنفيه إلى عالم الفن والأدب، فالعلم أحيانا يرحب بالخيال الخصب، وقصص الفنتازيا لا تقل إدهاشا عن قصص ألف ليلة وليلة وهاري بوتر، ولعل أشهر قصص الفنتازيا العلمية قصة دماغ آينشتاين المسروق وسر العبقرية الكامنة فيه.

 آينشتاين، ذلك العالم صاحب الدماغ الخارق الذي وصلت شهرته عنان السماء، بعد أن فرض على البشرية إثر دعايات ضخمة، انتشرت في العالم لإبرازه عالما فذا لم يَجُد الزمان بمثله من قبل، ومخترعا ليس له نظير، وداهية قلب النظريات العلمية رأسا على عقب، فصار رمزا للعبقرية التي لا تحدها حدود، ولغزا من ألغاز الطبيعة التي يجب أن يكشف عن أسرارها اللثام. وهذا ما جعل توماس هارفي يقوم بسرقة دماغ آينشتاين بعد وفاته وتشريحه في سبيل إلقاء الضوء على أحد أعظم أسرار الطبيعة: سر العبقرية.

 ومحاولات الاستيلاء على الدماغ النادرة لم تقتصر على علماء التشريح والأعصاب بل إن الجيش الأميركي كان يحرص على الحصول على هذه الغنيمة التي ستمنحه سر العبقرية وتقفز به فوق مصاف الروس والعدو والشيوعي، وهذا ما جعل الجيش يسابق علماء التشريح لسرقة دماغ آينشتاين قبل أن يدفن معه، فالكل يؤمن أن وراء هذا الدماغ لغزا يجب أن تعرفه البشرية، فمنذ وفاته دار جدل بين العلماء عما إذا كان مخ آينشتاين يمتلك تركيبا مختلفا عن بقية البشر؟

وبعد أن سرقوا الدماغ النفيسة وأخذوا محتوياتها الثمينة، وضعوها في قوارير وعلب حفظ مثل الخيار المخلل، بعد أن قاموا بتشريحه وقياس أبعاده وحساب المسافات بين الفص الأيمن والأيسر، ويقال - والعهدة على الراوي - إنهم وجدوا أن سماكة دماغ آينشتاين تختلف عن سماكة دماغ الإنسان العادي، مما يعني زيادة عدد الأعصاب والإشارات الكهربائية، وهذا يعني سرعة أكبر في نقل المعلومات وقدرة أكبر على اكتشاف النظريات العلمية.

 في الحقيقة، ما ذكرناه آنفا بخصوص الدماغ المسروقة ليس إلا قصة من نسج الخيال، وأي شبه بين أحداثها وأشخاصها مع أحداث حقيقية وأشخاص حقيقيين هو محض مصادفة ومجرد عن أي قصد، فدعونا الآن نتطرق لآينشتاين الحقيقي، ونطرح التساؤل التالي: هل آينشتاين بالفعل عالم عبقري أم أن عبقريته ليست إلا نتاج دعاية مغرضة من أي نوع، وأن دماغه الخارقة لا تختلف عن دماغ أي إنسان يعيش على كوكب الأرض؟.

إذا وضعنا في الحسبان بأن الشهرة الكبيرة التي حققها ألبرت آينشتاين يعود فضلها للنظرية النسبية، فهل آينشتاين هو مكتشف هذه النظرية أو أنه مجرد منتحل لها، وأن الفضل لاكتشافها يعود لعلماء آخرين؟ قبل الإجابة على هذا السؤال، يجب علينا أن نعود للوراء قليلا، ونكشف الخلفية الكاملة عن قصة اكتشاف النظرية النسبية.

 فقد كان آينشتاين موظفا في المكتب السويسري للاختراعات، وكانت مهمته تنحصر في تنسيق عملية منح براءات الاختراع، وبفضل وجود آينشتاين في هذا المكتب، استطاع أن يستغل مركزه ليقوم بإخراج النظريات السليمة إلى حيز الوجود، فكان بحكم مركزه أول من يطلع على أحدث الاختراعات العلمية، التي كانت ملكا لغيره من العلماء ونتاج عبقرية غيره من الأفذاذ، وأحد هؤلاء العلماء الأفذاذ لورنتز صاحب نظرية التحويلات التي لم تكن النظرية النسبية إلا شرحا لها، مما يعني أن آينشتاين لم يكن إلا منتحلا لأمجاد معاصريه، فلم يكن في وسعه التوصل إلى نتائج النظرية النسبية دون العلم المسبق والاطلاع على مجهودات ونتائج غيره مثل لورنتز وبوانكاريه.

وقد أشار كثيرون إلى أن آينشتاين قد انتحل النظرية النسبية دون أن يذكر أي مصادر لمن سبقوه، وهذا يحتم علينا أن نعيد النظر حول تاريخ النظرية النسبية وملابساتها، والتعرف على سبب هذا الفرق الشاسع بين شهرة آينشتاين وغيره من العلماء، مثل ماكس بلانك الذي لم يحظ ولو بجزء بسيط من شهرة آينشتاين، فضلا عن خفوت ذكر الأبطال الحقيقيين للنظرية النسبية.

 دعونا نطرح اسم العالم ماكس بلانك الذي مات ولم يجد لصا يسرق دماغه، كصاحب عبقرية حقيقية، وكونه الرجل الذي افتتح عهدا جديدا للبشرية بتأسيسه نظرية الكم، ولعل أبلغ ما قيل حول شهرتي ماكس بلانك وآينشتاين ما قاله العالم الشهير لويس دي بروغيل عندما طلب منه أن ينتقد اكتشاف ماكس بلانك العظيم «إن نظرية بلانك الثابتة أعظم اكتشاف استطاع العقل البشري أن يصل إليه في التاريخ، وأنه لعقل كامل بلا شك، لذلك فإنه سوف يتم تسجيله فيه كاكتشاف خالد، وإن ذهبتم الآن إلى مكتبة وطلبتم فيها صورة للمكتشف العظيم بلانك، فتأكدوا أنكم لن تجدوها، ولو وجدتم لكانت صورة عادية ممسوحة باهتة تظهر مثل الطيف، ومنقولة مما نشر في صحيفة من الصحف، ولكنكم إذا طلبتم من المكتبة نفسها صورة لآينشتاين أو كتابا يحوي نظريته لقدم إليكم من أنواعهما ما يملأ مكتبة».