تؤثر البيئة في الإنسان بشكل كبير وتتشكل معها ثقافته وعاداته وتقاليده، فلكلٍ بيئته التي تأثر بها وتفاعل معها، ومع كل هذا التأثير والتفاعل حافظ الإنسان على البيئة، ولم يضر بها، حيث استفاد من الموارد الطبيعة بشكل فعال ومقنن، ولم يسرف كما هي حال اليوم.

 وفي ظل التطور الكبير أنتجت الحياة المدنية والصناعية سلوكيات جديدة أدت إلى الإضرار بالبيئة، وتفاعل الإنسان مع الحياة بشكل مغاير عما كان عليه في السابق، حيث دخلت الكثير من المواد في الصناعات المختلفة بشكل متزايد، وأصبح إنتاج الفرد من النفايات كبيرا جداً، ويمثل تحديا بيئيا يجب أن تتضافر الجهود لمعالجته والاستفادة من النفايات بصورة علمية حديثة. وفي الواقع أصبح من الضرورة أن نتفاعل مع البيئة كما تتفاعل معنا، بالمحافظة عليها بشكل مباشر بعدم الإضرار بها. أحد أكثر القضايا التي تثير الجدل اليوم على الساحة العالمية، ومن المخاطر المحدقة بالبشرية، هي قضية التعامل مع النفايات بصورها المتعددة والأساليب العلمية المتوفرة لإتلافها، حيث تظهر إعادة التدوير، كأحد الحلول التي تساهم في إنتاج مواد جديدة بتكاليف منخفضة، وأيضاً تحمي البيئة من الأضرار الناتجة عن انبعاثات هذه المخلفات.

 ذكر تقرير للبنك الدولي في عام 2018م أن التوسع في بناء المدن وزيادة عدد السكان سيزيد النفايات في العالم 70 % خلال 30 عاما القادمة، أي ما يقارب 3.40 مليارات طن من النفايات سنويًا، بينما كان معدل إنتاج الفرد في عام 2002، ما يقارب 0.64 كغ/لليوم، ثم ارتفع ليصل في 2012 لـ 1.2 كغ/لليوم، ومن المتوقع أن يستمر بالتزايد ليصل إلى 1.42 كغم/لليوم في 2025.

 نفتقر بشكل كبير إلى مصانع لإعادة التدوير بشكل عام، فإطارات السيارات والمخلفات البلاستيكية لدنيا تشكل منجما كبيرا لإعادة تدويرها واستخدامها في صناعات أخرى، أو حتى تصديرها والاستفادة منها كمواد خام بعد معالجتها.

ترك المخلفات ورميها بشكل عشوائي، يمثل خطرا بيئيا كبيرا، حيث تعج المرافق المختلفة والمتنزهات البرية بالكثير منها دون الاستفادة منها أو إعادة تدويرها، وتجنب الآثار السلبية لها على البيئة، والخطر الكبير الذي تسببه على الصحة العامة والتوازن البيئي الطبيعي، وكذلك هي عبء إضافي على البلديات والأمانات، إذ تكلف عمليات النظافة ملايين الريالات سنوياً، وتراكمها في الشوارع يتسبب في تلوث المدن والتشوه البصري لها.

من المهم جداً تعزيز ثقافة إعادة التدوير والاستفادة من المواد بعد استهلاكها سواء على مستوى الأفراد أو المجتمعات، خلال الفترة القادمة، حيث التحول الوطني في رؤية 2030، كمجتمع صناعي، والذي سوف يشهد إضافة مزيد من النفايات التي قد تتسبب في أضرار بيئية جمة، خصوصاً ونحن بلد صحراوي يعاني من مشكلة التصحر وقلة الغطاء النباتي وندرة وشح المياه.