صلاح العبادي

منذ زمن بعيد وطنين هذا السؤال يسخر من كافة إجاباتي الساذجة.. حاولت كثيرا، وفشلت كل المحاولات في أن تقودني إلى إجابة منطقية لإقناع أو إسكات هذا الصهيل المتنامي بداخلي، والذي أيقظ خيول الأمة التي أسكتها وجع الصمت وألم الانكسار، وجعلها تتعاطف مع ما أشعر به من فزع وقهر وانبطاح أمام خرس جهلي المقيم بعدم المقدرة على إيجاد جواب لهذا السؤال المحير.

 فكرت... هل أستعين بملايين الأمة المترامية الأطراف؟ ولكن من أدراني أنهم يعانون نفسا قهريا وإحباطيا.

مرت عقود وعقود ونحن قعود وقعود لم نحرك ساكناً لاسترجاع عصمتنا في أيدينا، لنملك زمام أمرنا.. انتهبنا وانتهكنا وسلبنا واستلبنا وسلنا واستسلمنا، عوملنا بمنتهي اللا آدمية تحت الاحتلال وتحت الانتداب وتحت الوصاية وتحت الاحتلال بهيمنة وهمجية، كيف استطاعوا أن يلعبوا فينا وبنا بمثل هذا المكر والخديعة والبراعة؟.

وكيف استطاعوا الإمساك بخيوط اللعبة ليصنعوا منا دمى لا حول لها ولا قوة؟.

وأفقنا بعد أن زال الرحيق ولكنهم لم يتركونا وشأننا، فما زالت أوراق اللعبة بأيديهم، ومصائرنا معلقة على جدران مكاتبهم، وما زلنا نقوم بأدوار الكومبارس على خشبة المسرح.

هل يليق يا سادة بخير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر أن يكون مصيرها هكذا؟.

ما الذي اعترانا، لماذا تراخت سواعدنا، من أين جاءت عوامل الهدم التي فتت عزائمنا ليعلونا صدأ الكسل والإهمال واللامبالاة؟ وهل جفت حروف وكلمات اللغة التي نتعامل بها ونرتل كتاب الله بها؟.

لا أرغب أن أجلد نفسي وأجلد معي ملايين البشر الذين يجلسون على المقاهي والكافيهات يحتسون ما لذ من المشروبات ويدخنون النرجيلة، متكئين في غفوة عن واقعنا المؤلم، وفي تعسيلة، لتبقى خيوط اللعبة في أيدي الفرنجة وغيرهم، يؤلفون النص ويهندسون الديكور ويلطخون وجوهنا بالمكياج حتي حبال الستارة زمامها في أيديهم، ونحن بعد صامتون وطيبون في خشوع وخضوع، تلتقط لنا الصور التذكارية، لتتصدر جرائدنا أخبار التبعية والانسحاق والسقوط في حلبة اللعب بالثلات ورقات.

يا سادة السؤال: أليس فينا من يشد القوم من النوم والرقود والركود؟.

ولأنه لا يأس مع الحياة جاءت البشارة لتزرع فينا من جديد الأمل، وتوقظ كافة الأحلام، وتقضي على التراكمات والترهات والتخلف الفكري الذي حملنا وزره ردحا من الزمن واعتقدناه منذ قرون مضت.

جاءت البشرى في ثوب واحد، وجاء بها المايسترو الذي يجيد كيف يتم عزف اللحن في الوقت المناسب مع اختيار باقة من أمهر الحالمين بزرع السعادة والحب في قلوب البشر.

جاء هذا الشاب الذي نتمنى أن نرى مثله في كل بلداننا العربية، لتجدد الدماء في شرايين الأبناء، لنستعيد مكانتنا وهيبتنا بين الأمم.