صامتٌ لا يتحدث إلا بفعل، سلك الطريق إلى العدل طالبا لم يبلغ الـ20 ربيعا حينما كان للشريعة دارسا، يقول زملاؤه عنه «لا يدخل في المِراء رغم إجادته للحديث والنقاش في أسخن القضايا الشرعية، كارهٌ للتعصب للرأي بعيدٌ عن التحزّب، فالحق ضالته ومضلته، ووقوده في ذلك الصبر والبحث وطرح السؤال».

سار في ردهات جامعة تعتبر معيناً صافيا في العلوم الشرعية، ومنارة يفتخر طلابها الشرعيون بعلماء جهابذة في القضاء والفقه واللغة وكافة مفاصل العلوم الشرعية، كلهم ينضوون تحت لواء جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

 


الشغف العلمي


تخرج «وليد الصمعاني» من الجامعة ولكنه عاد من جديد يتلمّس طريقاً يُرضي به شغفه العلمي بالبحث والتنقيب عن معلومةٍ جديدة، طارقاً الأبواب بحثاً وسؤالاً لا ينقطع عن القضايا المعاصرة، بعيداً عن التقليد وقريبا من التنقيب في بطن أمهات الكتب تحت قبّة كلية الشريعة بالرياض، على يد خيرة علماء اللغة والأدب والفقه والتفسير.

كان يحاول في كل مرّة الوصول إلى هدفٍ منشود ورأي راجح له أصلٌ ثابت من خلال بحوثه في مرحلة الماجستير والدكتوراه.

في كل تلك المرحلة من حياته بحث في التفاصيل ولكنه الصمعاني الطالب وصل إلى أن العمل الأكاديمي تصقله التجربة الميدانية والواقع اليومي ومعاصرة الأحداث والوقوف في المنتصف بين الخصوم ومعاركة العمل العدلي، أضحت مهمةً تنتظره، وبقي هاجساً يراود العشريني الذي قدّم للتو رسالة الماجستير في شعبة الأنظمة التابعة للمعهد العالي للقضاء، ثم أطروحته للدكتوراه في القانون المقارن، والتي على إثرها حاز الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى، ولا زال للأمل بقية.

 


تحد جديد


هنا استخار وشمّر بحثاً عن تحدٍ جديد لإرضاء الطموح والإجابة عن الأسئلة التي طرحها حينما كان يحاضر في قاعته إبّان عمله الأكاديمي، ويسبر أغوار العمل اليومي في ديوان المظالم في العام 1422. لتكون الانطلاقة في القضاء الإداري والتأديبي والجزائي والتجاري أيضاً، من هنا ظهرت ألمعية «الصمعاني» القاضي فدخل إلى اللجان المختلفة داخل ديوان المظالم وخارجه.

لكن مَلَكة الباحث وأدواته لا زالتا في داخل القاضي فكان عضواً فاعلاً في مكتبٍ يختص بتصنيف الأحكام والمبادئ القضائية، إضافةً إلى العمل في إعداد البحوث لتطوير الأداء داخل الديوان.

في تلك الأثناء حرص على أن يكون عضواً في لجنة التدريب والتطوير إضافة إلى تواجده ضمن فريق العمل المشرف على الأرشفة الإلكترونية للأحكام القضائية.

 


قابلية للتطوير

التنقّل كما يقول علماء الإدارة يعني أن هناك شغفاً وطموحاً وقابلية للتطوير، فكانت مراحل الدكتور الصمعاني العملية ذات دلالات على التطور المهني الذي وصل إليه ليتم اختياره مستشاراً في ديوان سمو ولي العهد آنذاك «الأمير سلمان بن عبدالعزيز»، الأمير الذي يعرفه الجميع بأنه العارف والدقيق في كافة مفاصل العمل، والعارف بأحوال رعيته العادل بينهم.

وبعد قرابة العامين صدر أمرٌ ملكي بأن يكون الدكتور وليد الصمعاني وزيراً للعدل ليكون الوزير السادس لهذه الوزارة. وللإيمان الكبير بأن العمل تكاملي بدأ من حيث انتهى الآخرون، ولكن في هذه المرة كانت التحديات كبيرة والوزارة في كثير من أعمالها لا تعتمد على التقنية في مواقع كثيرة ومرتبطةٌ بمصالح الناس بشكلٍ يومي.

فبدأت ورش العمل تخرج بالنتائج دون تأخير وأضحت الرؤية الواضحة تقود رياح التغيير، وجعل العمل يسير وفقاً لخطط إستراتيجية لا تقبل الاجتهادات الفردية، ليكون الوزير الشاب علماً في التغيير الإيجابي للوزارة، ورائداً في التغيير الإيجابي الذي يلمس فيه المستفيدون خدمات حقيقية تجاه أعمالهم اليومية في أروقة الوزارة.