يواجه الشباب مساحة كبيرة من الفراغ معظم اليوم, وباستثناء الأوقات التي يقضونها بالمدارس, يقضي الكثير منهم جل أوقاتهم في التسكع بالشوارع والميادين نتيجة غياب الأماكن المخصصة لهم سواء الترفيهية أو الرياضية أو الثقافية التي يقضون فيها وقت فراغهم ويستطيعون ممارسة حياتهم بشكل منظم وطبيعي. وتتجسد المشكلة بشكل لافت للنظر خلال الإجازات الأسبوعية ويزيد حجمها كلما اقترب الصيف وبدأت إجازة آخر العام.

وبينت دراسة ميدانية أجراها مركز "اسبار" للدراسات والبحوث والإعلام على 3150 شاباً من الذكور والإناث الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 إلى 29 سنة في 15 مدينة سعودية أن نحو 43,2% من الذكور و36,9% من الإناث لديهم وقت فراغ يتراوح ما بين 4 إلى 6 ساعات يوميا. أما الذين لديهم من 7 إلى 12 ساعة فراغ في اليوم وهي فترة طويلة فقد بلغت نسبتهم 24,2% من الذكور مقابل 15,3% من الإناث. وفي السياق ذاته تبين أن 28,1% من الإناث و 18% من الذكور لديهم وقت فراغ يتراوح ما بين 2 إلى 3 ساعات في اليوم ويتضح من هذه الأرقام أن الذكور أكثر معاناة مع مشكلة وقت الفراغ حيث تبلغ نسبة الذين يعانون من أوقات فراغ كبيره منهم 67,4%.

وحول تلك الظاهرة الخطيرة والأرقام التي تشير إلى ضرورة التصدي لها يقول المرشد الطلابي بمتوسطة الملك سعود بالباحة خالد فرحان لا شك أن نسبة الفراغ في حياة الشباب والفتيات تختلف من منطقة إلى أخرى بمعدلات متفاوتة بحسب البيئة والظروف الاجتماعية , وهناك من يستغل وقت الفراغ بشكل مثالي في إشباع الهوايات المختلفة وفي سن مبكرة جداً والبعض بشكل متوسط وفريق آخر يهدر ذلك الوقت  بشكل مفرط ومسرف. وأكد أن لكل هذا نتائج وخيمة على الشخص وأسرته ومجتمعه في ظل التقدم العلمي والتقني والمهني الذي يشهده العالم.

ويؤكد المعلم بمدرسة الأمير محمد ببشير إبراهيم جار الله الغامدي أن المشكلة التي يعاني منها الشاب والفتاة  على حد سوء هي الفراغ قائلاً لا بد من أن نحاول أن نخلق بديلاً حقيقيًا وبديلاً واقعيًا وعلاجاً لتلك الظاهرة التي تشكل هاجسا وخطرا كبيرا على أبنائنا ومجتمعنا. ومن أهم وسائل التصدي لذلك الخطر الرقابة الذاتية من الأهل وكذلك دفع الأبناء للانخراط في الأعمال التطوعية التي من شأنها شغل وقت الفراغ لديهم. وأشار إلي نجاح هذه التجربة بشكل كبير في الأيام العصيبة التي شهدتها كارثة جدة وما صاحبها من أحداث. ويطالب الغامدي أيضاً بزيادة الوعي الثقافي لدى الشباب والفتيات بتشجيعهم على القراءة وزيارة المكتبات  العامة للاستفادة من الكتب وكذلك حضور الندوات الثقافية كافة.

وعن الحلول لمعالجة هذه الظاهرة يقول عميد كلية الآداب بجامعة الباحة الدكتور عبدالله الزهراني  يجب الحث عن التوعية الفكرية للشباب وكذلك التوعية من خلال البرامج التدريسية وإقامة برامج توعوية تشمل الشباب والأسر بغرض التنبيه لمخاطر الفراغ السلبية وتفعيل دور وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية منها للتصدي لمخاطر تلك الظاهرة, ومحاولة الاستفادة من خطب المساجد والدعوة إلى استغلال الأوقات ووضع وتفعيل برامج لملء أوقات فراغ الشباب وإشراكهم في وضعها. من جانبه حذر معلم التربية الإسلامية أحمد سحمى من مخاطر الفراغ خصوصا على الشباب وقال إن العمليات الإجرامية والإرهاب قد تنبع من الفراغ, مطالباً بزيادة  المرشدين الطلابيين المختصين في المدارس لتوجيه الطلاب إلى كيفية قضاء أوقات الفراغ بما هو نافع، والابتعاد عن ممارسة ما هو ضار.

ويقول "ولى أمر الطالب" على عبدالله الغامدي توجد أسباب عديدة لوجود أوقات الفراغ وفي مقدمتها قلة وجود الأندية الرياضية والثقافية والاجتماعية المجهزة لقضاء أوقات الفراغ مع غياب الدور التوجيهي في ذلك في المدرسة أو الإعلام. 

ويقول الشاب خالد على الغامدي إن الخيارات لدى الشباب محدودة في قضاء أوقات فراغهم برغم ما يملكونه من طاقات كبيرة وهي أصبحت مشكلة كبيرة يعترف بها الشباب ويدركها الكبار.