ساهم الإعلام - خاصة فضائياته - بتقريب مشهد الشباب العربي المحبط إلى بعضه في معظم الدول. وعلى الرغم من تعدد المحطات التي أظهر فيها الشباب سخـطهم على أوضاعهـم وبطالتـهم إلا أن أبرزها كان محاولات عدد منـهم حرق أنفسهم للتعبير عـن غضبـهم مـن الواقـع الذي يعيشونه.. ومـن المؤكد أن تلك المحاولات جاءت تقليدا لحالة اعتقدوا أنها ستكون مجدية في كل الأمكنة.. إذ أصـيب الشباب العربي الذي يعاني الإحباط مـن واقعه بالعدوى من تلك الحالـة، فحاول بعضهم استنساخها، مـن غير انتباه إلى اختلاف المعطيات والثقافات السائدة.. وشرعت الفضائيات والصحف ومواقع الإنترنت تأتينا بالأخبـار. ومنها وفاة شاب يمني من ساحل حضرموت أحرق نفسه منذ أربعة أيام بالبنزين, احتجاجا على الوضع الذي يعيشه وعلى المجلس المحلي الذي لم يمنحه قطعة أرض. وخلال الأسبوع الماضي تعددت حوادث الاحتراق، إذ صب مواطن مصري "بايعها" البنزين على نفسه ثم أشعل النار أمام البرلمان وسط القاهرة ومضى يهتف ضد الشرطة، وتم نقله إلى المستشفى.. وأشعل أربعة شباب جزائريين النار في أنفسهم من باب المطالبة بوظائف، أحدهم توفي وآخر تسبب في عزل رئيس البلدية الذي سخر منه ودعاه لحرق نفسه، ففعل.
الأسبوع الماضي وأمام مجلس الشيوخ الموريتاني في العاصمة نواكشوط وقف شاب موريتاني "بايعها" وراح يشتم الحكومة والرئيس ثم أحرق نفسه وسيارته اعتراضا على البطالة، وفارق الحياة أمس. وأمس أيضا، أحرق شاب سوداني نفسه، ونقل إلى المستشفى في وضع حرج.
تدعو الحالات التي سبق ذكرهـا ورأينـاها على الشاشـات أو قرأنا عنها للنظر في أوضاع الشباب العربي وحل مشكلاته، وإلا فإنه سيظل يحترق معنويا.. وأمـا ماديا فإن فوضى احتراقاته وعشوائيتها تؤكد أنه في مرحلة ضياع.