في كتاب الحياة السرية الذي كتبه كون كوغلن عن صدام عرض صورة للوضع في فترة لا توصف بأنها كانت تلك الحياة المريحة.

لكن هذا الكتاب أضاف للمعلومات التي عندي معلومات جديدة بمزيد من التفاصيل، وأحيانا بعض المعلومات التي لم أطلع عليها وهي متوقعة، كما في الحادثة التي وقعت لصدام وكاد يقع في الأسر وهو يحاصر في جيب مطوقاً من الإيرانيين عام 1982م وهم لا يعرفون من يحاصرون، وهكذا تمضي الأقدار، فيتصل بالفريق الركن ماهر عبد الرشيد ولم تكن العلاقة بينهما بالطيبة فيستحلفه صدام بكل عزيز فيهب عبد الرشيد فينقذه من الموت، ليكافئه صدام بالإقامة الجبرية لاحقا، وهي عقوبة مخففة حسب مقاييس صدام.

ومن الأخبار المثيرة في الكتاب قصة الإعدامات الديموقراطية، حين وصل صدام إلى السلطة بعد أن طيَّر (البكر) وجلس في سدة الرئاسة بدون منازع، وكان مجلس قيادة الثورة غير مرتاح لقدوم صدام لسدة الحكم، فقام بحركة مسرحية على غاية من الألم والقسوة حين صفى القيادة البعثية؛ فقتل من قمة الهرم خمسة في المجلس الأعلى، وكان أعجب من قتله الحمداني الذي كان قد عينه رئيسا لمكتبه قبل أيام!

ومما أثار قلقي فعلا في القصة تلك الحفلة الدموية المروعة كما نقلت من كتاب كون كوغلن عن طريقة تنفيذ الإعدامات الديموقراطية كذا. فقد هتف الناجون بحياة أبو عدي، وأشرك صدام الحزب معه في التصفية الدموية؛ فأصبحوا شركاء في الجريمة حتى النهاية.

لقد أعد المسرحية وأحضر المصورين ثم جاء طه ياسين رمضان فبكى على وجود خيانة مروعة، وكان صدام قد دعا لاجتماع طارئ لأعضاء الحزب؛ فحضر من كل المحافظات حوالي ألف عضو، وكان صدام يدخن السيجار الكوبي مذكرا بستالين يراقب المسرحية بعيني ثعلب، ثم جاء دوره في الكلام، فتكلم عن خيانة داخل القيادة والحزب، ثم انسحب وتلا ضابط آخر أسماء الخونة، ولنتصور المشهد؛ كل رجل يدعى لكتابه.

فمن نطقوا اسمه انقضوا عليه وساقوه للموت، حتى بلغ العدد 66 رجلا من خيرة عناصر الحزب المناضلين. وبعد أيام قام بإعدامهم وبذلك خلا  له الجو، لتأتيه المشنقة لاحقا، على يد من موَّله وزوده في حربه الطويلة التي فاقت طول الحرب العالمية الثانية..

لقد مضى الرجل إلى ربه فبصره اليوم حديد، ولكن بالتأكيد سيكون الكثير بانتظاره، يوم يقوم الناس لرب العالمين ويسألون النصفة؛ فقد قتل أقرب الناس إليه، ورمل بناته، ويتم أحفاده، ونقل الحزن والألم والفقر إلى بيوت الملايين من الناس.

ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود.