أبدى وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز محيي الدين خوجة رضاه وإعجابه بالمستوى الذي وصلت إليه الصحافة السعودية قائلا إنه "معجب جدا بها، وإنها متميزة جدا..".

وعما يعجبه تحديدا في الصحافة السعودية قال الوزير خوجة في حواره مع "الوطن":

"المهنية.. المهنية"، مؤكدا حرصه الشديد على هذا الجانب.

وردا على سؤال مفاجئ يقول: لو كان عندي وثائق تثبت أن هناك فسادا في وزارة الثقافة والإعلام وأن هناك اختلاسات بالملايين وتلاعبات ومحسوبيات، وأردت نشر الموضوع، راح تزعل؟! قال الوزير بتلقائية:"وأزعل ليه؟!" مضيفا"والله إنت تساعدني.. انشر.. والله ماراح أزعل.. بالعكس إنت راح تساعدني أنظف الوزارة"!

وبشأن اصطحاب الأدباء والفنانين والكتاب والرسامين والروائيين في زيارات الوزير الرسمية للخارج بدلا من وكلاء وزارته، قال الوزير خوجة:"أوعدك أن أنفذ اقتراحك في أول زيارة لي خارج المملكة".

وعن رأيه في قناة الإخبارية أجاب: "فيها جهد كبير.. وكمان بيقدموا عملا مهنيا.. أنا قلت لك عندي هاجس اسمه المهنية .. المهنية هي أساس النجاح".




كنت تلقائيا للغاية.. لا أحب التكلف ولا أميل إليه.. بادرته فور أن دخلت مكتبه بالقول: كيفك يا مولانا!

عانقني بتلقائية أكبر قائلا: "سنتان (عشان) تلبي الدعوة!".

جلسنا متقابلين أمام طاولة المكتب نصف الدائرية.. كنت أريد أن أستغل كل دقيقة في الزيارة.. بادرته على الفور:

أين اختفى الشاعر؟.. أين اختفت قصائد الحب و"مئة قصيدة للقمر"؟!

أجاب: موجود.. موجود.. لكنه منزو في الأعماق!

قلت له: إذن هو محبط؟!

أجاب: جدا.

لم أحمل أو أجهز أية أسئلة.. نزلت للمعركة وسلاحي الوحيد ذاكرة بالكاد تتذكر الأشياء.. يكفي أنني أضعت برج التلفزيون.. وتأخرت لمدة عشر دقائق عن الموعد المحدد مع معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجة.

سألته: كقارئ، هل أنت راضٍ عن مستوى الصحافة السعودية؟

قال: معجب بها جداً.

قلت له: أنت تبالغ معالي الوزير؟

قال: شوف يا صالح.. أنا رجل واقعي.. صريح مع الجميع..

استدرك بقوله: أعتذر لك إنني استخدمت "أنا" والعياذ بالله منها.. ثم أكمل بقوله جازماً: الصحافة السعودية متميزة جدا.

قاطعته: لماذا إذن تضع العراقيل في طريقها كمسؤول؟

أجاب باستغراب: مين قال لك؟!

قلت: الإيقافات والإقالات وغيره وغيره!

بدا عليه الانفعال قليلا، ورد بلهجة حجازية صرفة: يا سيدي مين قال الكلام هادا؟ هادا كلام غير صحيح أبداً!

قلت له: اسمح لي، الواقع يقول ذلك.

قال: هات.. قول.. زي مين؟!

ذكرت له عددا من الأسماء.. كنت أظن أنني وضعته في الزاوية.. فاجأني بقوله: ولا واحد من اللي ذكرت لنا فيه علاقة.. وأنا أتحداك تقول لي اسم واحد أنا أوقفته أو منعته أو ضايقته؟

قلت له: والأسماء التي ذكرت لك يا عمي؟!

قال: شوف يا سيدي.. هادي قرارات صادرة من المؤسسات الصحفية نفسها.. لما مؤسسة صحفية تريد الاستغناء عن كاتب.. أو تمنع كاتب.. أو توقف كاتب هذا شأن داخلي في المؤسسة.. ما لنا به علاقة أبداً.. أنت اسالني عن أي أحد أنا تسببت في إيقافه.. واتحداك تجيب لي اسم واحد!

سألته: طيب خلينا نقلب الصفحة معالي الوزير.. أنت تقول إنك راض عن الصحافة السعودية بس هذه إجابة فضفافة؟!

قال: أيش تبغاني أقول لك يعني؟

قلت: أيش اللي معجبك فيها؟

قال: المهنية.. المهنية! ـ كررها مرتين ـ

وأضاف أيضا: أهم حاجة هي المهنية.. أنا حريص جدا على المهنية.. والصحافة عندنا تحرص على المهنية بشكل كبير..!

أثناء تناولنا للقهوة.. لفتت نظري أناقة المكتب.. سألته: أنت فنان يا دكتور؟!

قال مبتسما: في داخلي فنان!

نقلت الحوار 180 درجة وفاجأته بالقول: لو كان عندي وثائق تثبت أن هناك فسادا في وزارة الثقافة والإعلام وأن هناك اختلاسات بالملايين وتلاعبات ومحسوبيات، وأردت نشر الموضوع، راح تزعل؟!

قال: وأزعل ليييه؟!

تمنيت لو كان الحوار متلفزا.. قلت له فوراً: معالي الوزير أنت تحاول تظهر بصورة مثالية؟!

قال: والله أنت تساعدني.. أنشر.. والله ماراح أزعل.. بالعكس أنت راح تساعدني أنظف الوزارة.

الوزير تنقل في العمل الدبلوماسي في أكثر من دولة.. سألته: تنقلت في العمل من الخارج للداخل.. جربت أنواعا عدة من المسؤوليات.. هل المسؤولية صعبة؟

أجاب: جداً.. جداً.

سألته: معالي الوزير اسمح لي.. أنت رجل متكلف.. والصورة التي تحاول أن تظهر بها أمام الناس ليست صورتك الحقيقية!

أغاظني.. بابتسامته وهو يرد: واتكلف ليه؟، وعشان أيه؟.. يا صالح صدقني الذي تراه أمامك وأمام الناس هو الوجه الحقيقي لي.. واللي يعرفونني عن قرب يدركون ذلك.

قلت له: هل حققت أحلامك؟

قال: باقي حلم واحد لم يتحقق.

كان أمامه على الطاولة هاتفا جوالاً.. رن أحدهما.. عرفت من سياق المكالمة أنه كان يتحدث مع رئيس نادي الرياض الأدبي.

عبدالله رجل خلوق ومحترم ـ قال لي الوزير ـ رديت عليه بقولي: معالي الوزير.. اشتهر عن أحد الزعماء الفرنسيين أنه كان يأخذ معه في زياراته الرسمية العلماء والمفكرين والأدباء والكتاب والرسامين والفنانين، وحينما سألوه لماذا تفعل ذلك أجابهم لأنني أريد أن أحمل فرنسا معي.

أجابني وقد فهم السؤال: أيش اللي تقترحه؟!

ـ قلت: أقترح أثناء زياراتك الرسمية للخارج بدلا من أن تأخذ وكلاء وزارتك أن تستبدلهم بالكتاب والفنانين والرسامين والأدباء والروائيين وغيرهم.

أجابني: أوعدك يا صالح أن أنفذ اقتراحك في أول زيارة لي خارج المملكة.

قلت له: كيف تقضي وقتك؟

أشار إلى جهاز كمبيوتر محمول على الطاولة البيضاوية الجذابة قائلا: في وقت الفراغ أحرص على تصفح الإنترنت.. أنا مغرم بالإنترنت.. ومتابع للعديد من المواقع.. كمان أقرأ وأتابع تلفزيون.

سألته: بصراحة تتابع قنوات التلفزيون؟!

أكيد أتابعها!

سألته: وش رأيك بالإخبارية؟

أجاب: فيها جهد كبير.. وكمان بيقدموا عمل مهني.. أنا قلت لك عندي هاجس اسمه المهنية.. المهنية هي أساس النجاح.

قلت له: هل تتابع الرياضة؟

قال: أتابعها.

هل تمارسها؟ سألته فأجاب:

أمارس رياضة المشي فقط.

قلت له: ما هي أهم الإنجازات التي تفتخر بها منذ جلست على هذا الكرسي بصراحة؟

فقال: كثير.

ـ قلت له: أرجوك لا تبالغ معالي الوزير!

أجاب: الإنجازات أمامك.. ليه أبالغ.

قلت له اذكر لي إنجازا واحداً؟

قال: أقربها لقلبي قناة مكة المكرمة.. قناة المدينة المنورة..!

سألته: هل هاتان القناتان مدللتان عندك؟

أجاب: نعم وتنالان عناية خاصة جدا.

هل واجهت صعوبة في إطلاق هاتين القناتين؟ سألته فأجاب:

بالعكس المسألة كانت سهلة للغاية.

سألته بخبث صحفي: لماذا الذين سبقوك لم يقوموا بذلك؟!

أجاب: أنا ما أتحدث عن غيري.. أنا أتحدث عن نفسي وعن الأعمال التي قمت بها.

قلت: هل تتوقع أن الاستثمار في الإذاعة مجدٍ لهذه الدرجة حتى يتنافس عليها الناس هنا؟!

قال: بالتأكيد هناك دراسات جدوى.. وبعدين إحنا عندنا الآن مشروع مهم!

قلت: أيش هو؟

أجاب: راح نوفر الإرسال على الطرق السريعة.

سألته: فكرة بيع رخص الإف إم هل كان سهلا؟

أجاب: يووه.. صعب مرة.. بس ـ الحمد لله ـ قدرنا نخلّي الفكرة حقيقة.

ـ رن هاتفه الجوال مرة ثانية.. لاحظت أنه لا يترك متصلا دون إجابة.

وبعد أن فرغ من المكالمة سألته: متى تنام؟

أجاب: ما فيه وقت محدد.

قلت: يعني؟

قال: يعني حسب الظروف.. أحيانا الساعة الـ11.. أحيانا الساعة الـ3.. لكنني أنهض للعمل الساعة السابعة تماماً.

سألته: هل تسعى إلى إرضاء الجميع؟

أجاب: أسعى لراحة ضميري.

قلت: هل هو مرتاح؟

قال: الحمد لله ضميري مرتاح.

سألته: تقرأ لجميع الكتاب السعوديين؟

قال: أقرأ لعدد محدد منهم.. ويعرض علي أبرز ما ينشر بشكل عام في الصحافة المحلية.

قلت: من تقرأ منهم؟

أجاب: أقرأ مقالك أنت.

حاولت استفزازه: أرجوك معالي الوزير لسنا في مقام المجاملات.

قال: يا سيدي مش أنت اليوم كتبت عن الفساد في تجارة الدواء.

قاطعته: طيب طيب ومن تقرأ أيضاً؟

ذكر لي مجموعة كبيرة من الأسماء.. تنبهت أنه لم يذكر علي الموسى بينهم.

قلت: وعلي الموسى ألا تقرأ له؟!

أجاب: طبعاً.. أكيد.. وعلي الموسى كمان أقرأ له باستمرار.

ـ رن الهاتف الجوال ثالث مرة.. تذكرت أنه لم يذكر لي الحلم المتبقي.. فور انتهاء المكالمة قلت له:

ذكرت لي قبل شوي إنه باقي لك حلم.. أيش هو يا دكتور؟

قال: إيوه صحيح.. جالسين الآن نعمل على تنفيذ توجيهات المقام السامي بتحويل التلفزيون والإذاعة إلى مؤسسات.. أنا اعتبر إنجاز الأمر حلم كبير.. وأبشرك قطعنا مسافة طويلة.

قلت له: ما رأيك بالصراعات الفكرية التي تشهدها الساحة؟

قال مبتسما: سيبهم يتصارعوا براحتهم.

قلت: أحيانا يصل الأمر إلى منحنى الجدل العقيم.

قال: فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.

سألته: ليش وزارتكم تتجاهل الاستفادة من خبرة رؤساء التحرير السابقين؟

قال: زي مين؟

قلت: عثمان الصيني.. طارق إبراهيم.. والآن جمال خاشقجي، وأكيد راح يكون فيه غيرهم كثير.

أجابني: عثمان أنت عارف أنه راح "المجلة العربية"، ونستفيد من خبرته هناك بشكل كبير.. وطارق راح يكون بيننا تعاون قريب، تقابلت معاه قبل كم يوم واتفقنا نتعاون.

قلت: وجمال؟

قال: جمال كمان راح يجيه الدور إذا ما راح هنا أو هنا.. أنا أحرص جدا على الاستفادة من أي خبرات لأن الفائدة راح ترجع على الوزارة وعلى العمل الإعلامي والثقافي بشكل عام.

قبل أن أودعه تذكرت أن أخي سليمان العقيلي رئيس التحرير المكلف قد أوصاني بأن استأذن الوزير بالنشر.. قلت له: أستأذنك معالي الوزير، أبي أنشر الكلام اللي دار بيننا.

قال انشر.. ما تراه مناسبا.